للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهلك عدوه وأسر فلان وفلان وقتل فلان وفلان. التقوا بواد يقال له بدر كثير الأراك كأنى انظر اليه كنت أرعى لسيدي رجل من بنى ضمرة إبله، فقال له جعفر: ما بالك جالس على التراب ليس تحتك بساط وعليك هذه الاخلاط؟ قال إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى إن حقا على عباد الله أن يحدثوا لله تواضعا عند ما يحدث لهم من نعمة، فلما أحدث الله لي نصر نبيه أحدثت له هذا التواضع.

[فصل في وصول خبر مصاب أهل بدر إلى أهاليهم بمكة]

قال ابن إسحاق: وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش الحيسمان بن عبد الله الخزاعي فقالوا له ما وراءك؟ قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود ونبيه ومنبه، وأبو البختري بن هشام. فلما جعل يعدد أشراف قريش قال صفوان ابن أمية والله لن (١) يعقل هذا، فسلوه عنى فقالوا ما فعل صفوان بن أمية؟ قال هو ذاك جالسا في الحجر، قد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا. قال موسى بن عقبة: ولما وصل الخبر إلى أهل مكة وتحققوه قطعت النساء شعورهن وعقرت خيول كثيرة ورواحل. وذكر السهيليّ عن كتاب الدلائل لقاسم بن ثابت أنه قال لما كانت وقعة بدر سمعت أهل مكة هاتفا من الجن يقول:

أزار الحنيفيون بدرا وقيعة … سينقضّ منها ركن كسرى وقيصرا

أبادت رجالا من لؤيّ وابرزت … خرائد يضر بن الترائب حسرا

فيا ويح من أمسى عدو محمد … لقد جار عن قصد الهدى وتحيرا

قال ابن إسحاق: وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة مولى ابن عباس قال قال أبو رافع مولى رسول الله كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر فبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة - وكذلك كانوا صنعوا لم يتخلف منهم رجل إلا بعث مكانه رجلا - فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا، قال وكنت رجلا ضعيفا وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم، فو الله إني لجالس فيها أنحت اقداحى وعندي أم الفضل جالسة وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل ابو لهب يجر رجليه بشر (٢) حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري فبينا هو جالس إذا قال الناس هذا أبو


(١) كذا في الحلبية وفي المصرية وابن هشام: والله أن يعقل هذا.
(٢) كذا في الحلبية وابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>