للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

وقد ذكر ابن إسحاق وغيره قصائد لحسان بن ثابت في وفاة رسول الله ومن أجلّ ذلك وأفصحه وأعظمه، ما رواه عبد الملك بن هشام عن أبى زيد الأنصاري أن حسان بن ثابت قال يبكى رسول الله :

بطيبة رسم للرسول ومعهد … منير وقد تعفو الرسوم وتمهد (١)

ولا تمتحى الآيات من دار حرمة … بها منبر الهادي الّذي كان يصعد

وواضح آيات وباقي معالم … وربع له فيه مصلى ومسجد

بها حجرات كان ينزل وسطها … من الله نور يستضاء ويوقد

معارف لم تطمس على العهد آيها … أتاها البلا فالآى منها تجدد

عرفت بها رسم الرسول وعهده … وقبرا بها وأراه في الترب ملحد

ظللت بها أبكى الرسول فأسعدت … عيون ومثلاها من الجن تسعد

يذكرن آلاء الرسول ولا أرى … لها محصيا نفسي فنفسي تبلد

مفجعة قد شفها فقد احمد … فظلت لآلاء الرسول تعدد

وما بلغت من كل أمر عشيرة … ولكن لنفسي بعد ما قد توجد

أطالت وقوفا تذرف العين جهدها … على طلل القبر الّذي فيه احمد

فبوركت يا قبر الرسول وبوركت … بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد (٢)

تهيل عليه الترب أيد وأعين … عليه - وقد غارت بذلك - أسعد

لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة … عشية علّوه الثرى لا يوسد

وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم … وقد وهنت منهم ظهور وأعضد

ويبكون من تبكى السموات يومه … ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد

وهل عدلت يوما رزية هالك … رزية يوم مات فيه محمد

تقطع فيه منزل الوحي عنهم … وقد كان ذا نور يغور وينجد

يدل على الرحمن من يقتدى به … وينقذ من هول الخزايا ويرشد

إمام لهم يهديهم الحق جاهدا … معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا


(١) وفي رواية ابن هشام: وتهمد.
(٢) في ابن هشام والتيمورية بعده:
وبورك لحد منك ضمن طيباه … عليه بناء من صفيح منضد

<<  <  ج: ص:  >  >>