وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها، ثم استعفى من ذلك كله ولزم منزله، واقتصر على إسماع الحديث وسماعه. توفى في ربيع الآخر من هذه السنة عن خمس وتسعين سنة. وقد تناظر هو وبعض الشيعة بحضرة بعض الأكابر فجعل الشيعي يذكر مواقف على يوم بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين وشجاعته. ثم قال للمحاملى: أتعرفها؟ قال: نعم، ولكن أتعرف أنت أين كان الصديق يوم بدر؟ كان مع رسول الله ﷺ في العريش بمنزلة الرئيس الّذي يحامى عنه، وعلى ﵁ في المبارزة، ولو فرض أنه انهزم أو قتل لم يخزل الجيش بسببه. فأفحم الشيعي. وقال المحاملي وقد قدمه الذين رووا لنا الصلاة والزكاة والوضوء بعد رسول الله ﷺ فقدموه عليه حيث لا مال له ولا عبيد ولا عشيرة وقد كان أبو بكر يمنع عن رسول الله ﷺ ويجاحف عنه، وإنما قدموه لعلمهم أنه خيرهم. فأفحمه أيضا.
[على بن محمد بن سهل]
أبو الحسن الصائغ، أحد الزهاد العباد أصحاب الكرامات. روى عن ممشاد الدينَوَريّ أنه شاهد أبا الحسن هذا يصلى في الصحراء في شدة الحر ونسر قد نشر عليه جناحه يظله من الحر.
قال ابن الأثير: وفيها توفى أبو الحسن على بن إسماعيل الأشعري المتكلم المشهور، وكان مولده سنة ستين ومائتين، وهو من ولد أبى موسى الأشعري. قلت: الصحيح أن الأشعري توفى سنة أربع وعشرين ومائتين كما تقدم ذكره هناك. قال: وفيها توفى محمد بن يوسف بن النضر الهروي الفقيه الشافعيّ، وكان مولده سنة تسع وعشرين ومائتين، أخذ عن الربيع بن سليمان صاحب الشافعيّ.
قلت: وقد توفى فيها أبو حامد بن بلال. وزكريا بن أحمد البلخي. وعبد الغافر بن سلامة الحافظ، ومحمد بن رائق الأمير ببغداد. وفيها توفى الشيخ:
[أبو صالح مفلح الحنبلي]
واقف مسجد أبى صالح ظاهر باب شرقى من دمشق، وكانت له كرامات وأحوال ومقامات، واسمه مفلح بن عبد الله أبو صالح المتعبد، الّذي ينسب إليه المسجد خارج باب شرقى من دمشق، صحب الشيخ أبا بكر بن سعيد حمدونة الدمشقيّ، وتأدب به، وروى عنه الموحد بن إسحاق بن البري، وأبو الحسن على بن العجة قيم المسجد، وأبو بكر بن داود الدينَوَريّ الدقى. روى الحافظ ابن عساكر من طريق الدقى عن الشيخ أبى صالح. قال: كنت أطوف بجبل لكام أطلب العباد فمررت برجل وهو جالس على صخرة مطرق رأسه فقلت له: ما تصنع هاهنا؟ فقال: انظر وأرعى. فقلت له: لا أرى بين يديك شيئا تنظر إليه ولا ترعاه إلا هذه العصاة والحجارة. فقال: بل انظر خواطر قلبي وأرعى أوامر ربى، وبالذي أطلعك على إلا صرفت بصرك عنى. فقلت له: نعم ولكن عظني بشيء أنتفع به حتى أمضى عنك. فقال: من لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر ذكر الموت أكثر الندم