سوءا فاكفهم شره واردد كيده في نحره، ثم لم يزل المرض يتزايد بعمر بن عبد العزيز حتى مات وهو بخناصرة، من دير سمعان بين حماه وحلب، في يوم الجمعة، وقيل في يوم الأربعاء لخمس بقين من رجب من هذه السنة - أعنى سنة إحدى ومائة - عن تسع وثلاثين سنة وأشهر، وقيل إنه جاوز الأربعين بأشهر فالله أعلم.
وكانت خلافته فيما ذكر غير واحد سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، وكان حكما مقسطا، وإماما عادلا وورعا دينا، لا تأخذه في الله لومة لائم رحمه الله تعالى.
[وهذه ترجمة عمر بن عبد العزيز الأموي الامام المعروف المشهور ﵀ وأكرم مثواه]
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو حفص القرشي الأموي المعروف أمير المؤمنين، وأمه أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ﵄، ويقال له أشج بنى مروان، وكان يقال: الأشج والناقص أعدلا بنى مروان. فهذا هو الأشج وسيأتي ذكر الناقص. كان عمر تابعيا جليلا، روى عن أنس بن مالك والسائب بن يزيد، ويوسف بن عبد الله بن سلام، ويوسف صحابى صغير. وروى عن خلق من التابعين.
وعنه جماعة من التابعين وغيرهم. قال الإمام أحمد بن حنبل: لا أدرى قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز. بويع له بالخلافة بعد ابن عمه سليمان بن عبد الملك، عن عهد منه له بذلك كما تقدم، ويقال: كان مولده في سنة إحدى وستين، وهي السنة التي قتل فيها الحسين بن على بمصر، قاله غير واحد. وقال محمد بن سعد: ولد سنة ثلاث وستين، وقيل سنة تسع وخمسين، فالله أعلم.
وكان له جماعة من الإخوة ولكن الذين هم من أبويه أبو بكر وعاصم ومحمد، وقال أبو بكر بن أبى خيثمة عن يحيى بن معين عن يحيى بن بكير عن الليث. قال: بلغني أن عمران بن عبد الرحمن ابن شرحبيل بن حسنة كان يحدث أن رجلا رأى في المنام ليلة ولد عمر بن عبد العزيز - أو ليلة ولى الخلافة شك أبو بكر - أن مناديا بين السماء والأرض ينادى: أتاكم الليّن والديّن وإظهار العمل الصالح في المصلين، فقلت: ومن هو؟ فنزل فكتب في الأرض ع م ر. وقال آدم بن إياس: ثنا أبو على ثروان مولى عمر بن عبد العزيز. قال: دخل عمر بن عبد العزيز إلى اصطبل أبيه فضربه فرس فشجه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: إن كنت أشج بنى أمية إنك إذا لسعيد. رواه الحافظ ابن عساكر من طريق هارون بن معروف عن ضمرة، وقال نعيم بن حماد: ثنا ضمام بن إسماعيل عن أبى قبيل أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير، فبلغ أمه فأرسلت إليه فقالت: ما يبكيك؟ قال: ذكرت الموت، فبكت أمه. وكان قد جمع القرآن وهو صغير، وقال الضحاك بن عثمان الخزامي: كان أبوه قد جعله عند صالح بن كيسان يؤدبه، فلما حج أبوه اجتاز به في