زَنْكِيٍّ، وَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ أَخِيهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، الْخَاتُونِ بِنْتِ تَمُرْتَاشَ بْنِ إِيلِغَازِي بْنِ أُرْتُقَ، صَاحِبِ مَارِدِينَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا كُلُّهُمْ ملكوا الموصل، وكانت هذه المرأة تضع خمارها بين خَمْسَةَ عَشَرَ مَلِكًا.
وَفِيهَا سَارَ نُورُ الدِّينِ إِلَى سِنْجَارَ فَفَتَحَهَا، فَجَهَّزَ إِلَيْهِ أَخُوهُ قُطْبُ الدِّينِ مَوْدُودٌ جَيْشًا لِيَرُدَّهُ عَنْهَا، ثُمَّ اصْطَلَحَا فَعَوَّضَهُ مِنْهَا الرَّحْبَةَ وَحِمْصَ، وَاسْتَمَرَّتْ سِنْجَارُ لِقُطْبِ الدين، وعاد نور الدين إلى بلده. ثم غزا فيها الْفِرِنْجَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا وَأَسَرَ الْبِرِنْسَ صَاحِبَ أَنْطَاكِيَةَ، فَمَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ مِنْهُمُ الْفَتْحُ الْقَيْسَرَانِيُّ بِقَصِيدَةٍ يَقُولُ فِي أَوَّلِهَا:
هَذِي الْعَزَائِمُ لَا مَا تنعق الْقُضُبُ ... وَذِي الْمَكَارِمُ لَا مَا قَالَتِ الْكُتُبُ
وَهَذِهِ الْهِمَمُ اللَّاتِي مَتَى خُطِبَتْ ... تَعَثَّرَتْ خَلْفَهَا الْأَشْعَارُ وَالْخُطَبُ
صَافَحْتَ يَا ابْنَ عِمَادِ الدِّينِ ذُرْوَتَهَا ... بِرَاحَةٍ لِلْمَسَاعِي دُونَهَا تَعَبُ
مَا زَالَ جَدُّكَ يَبْنِي كُلَّ شَاهِقَةٍ ... حَتَّى بَنَى قُبَّةً أَوْتَادُهُا الشُّهُبُ
وَفِيهَا فَتَحَ نُورُ الدِّينِ حِصْنَ فاميا وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ حَمَاةَ. وَفِيهَا مَاتَ صَاحِبُ مِصْرَ الْحَافِظُ لِدِينِ اللَّهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أبى القاسم بْنِ الْمُسْتَنْصِرِ، فَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الظَّافِرُ إِسْمَاعِيلُ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ الْأَفْضَلِ بْنِ أَمِيرِ الْجُيُوشِ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى الْحَافِظِ وخطب له بمصر ثلاثا، ثم آخر الأمر أذن بحي على خير العمل، والحافظ هذا هو الّذي وُضِعَ طَبْلُ الْقُولَنْجِ الَّذِي إِذَا ضَرَبَهُ مَنْ بِهِ الْقُولَنْجُ يَخْرُجُ مِنْهُ الْقُولَنْجُ وَالرِّيحُ الَّذِي به، وخرج بالحجاج الأمير قطز الخادم فمرض بالكوفة فرجع واستخلف على الحجاج مولاه قيماز، وحين وصوله إلى بغداد توفى بعد أيام، فطمعت العرب في الحجاج فَوَقَفُوا لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَهُمْ رَاجِعُونَ، فَضَعُفَ قيماز عَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ أَمَانًا وَهَرَبَ وَأَسْلَمَ إِلَيْهِمُ الْحَجِيجَ، فَقَتَلُوا أَكْثَرَهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَ النَّاسِ، وقل من سلم فيمن نجا، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦. وَفِيهَا مَاتَ مُعِينُ الدين بن أَتَابِكُ الْعَسَاكِرِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدَ مَمَالِيكِ طُغْتِكِينَ، وهو والد الست خاتون زوجة نُورِ الدِّينِ، وَهُوَ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ الْمُعِينِيَّةِ، دَاخِلَ باب الفرج، وقبره في قبة قتلى الشامية البرانية، بمحلة العونية، عند دار البطيخ. وَلَمَّا مَاتَ مُعِينُ الدِّينِ قَوِيَتْ شَوْكَةُ الْوَزِيرِ الرئيس مؤيد الدولة على ابن الصُّوفِيِّ وَأَخِيهِ زَيْنِ الدَّوْلَةِ حَيْدَرَةَ، وَوَقَعَتْ بَيْنَهُمَا وبين الملك مجير الدين أرتق وحشة، اقتضت أنهما جندا مِنَ الْعَامَّةِ وَالْغَوْغَاءِ مَا يُقَاوِمُهُ فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. ثُمَّ وَقَعَ الصُّلْحُ بَعْدَ ذلك.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
أَحْمَدُ بْنُ نظام الملك
أبو الحسن على بن نَصْرٍ الْوَزِيرُ لِلْمُسْتَرْشِدِ، وَالسُّلْطَانُ مَحْمُودٌ، وَقَدْ سَمِعَ الحديث، وكان من خيار الوزراء.
[أحمد بن محمد]
ابن الْحُسَيْنِ الْأَرْجَانِيُّ، قَاضِي تُسْتَرَ، رَوَى الْحَدِيثَ وَكَانَ له شعر رائق يتضمن معاني حسنة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute