للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجم الدين أيوب والد صلاح الدين وسبه وأسكته، ثم قال لابنه: اسمع ما أقول لك، والله ما هاهنا أحد أشفق عليك منى ومن خالك هذا - يعنى شهاب الدين الحارمى - ولو رأينا نور الدين لبادرنا إليه ولقبلنا الأرض بين يديه، وكذلك بقية الأمراء والجيش، ولو كتب إلى أن أبعثك إليه مع نجاب لفعلت، ثم أمر من هنالك بالانصراف والذهاب، فلما خلى بابنه قال له: أما لك عقل؟ تذكر مثل هذا بحضرة هؤلاء فيقول عمر مثل هذا الكلام فتقره عليه، فلا يبقى عند نور الدين أهم من قصدك وقتالك وخراب ديارنا، وأعمارنا، ولو قد رأى الجيش كلهم نور الدين لم يبق معك واحد منهم، ولذهبوا كلهم إليه، ولكن ابعث اليه وترفق له وتواضع عنده، وقل له: وأي حاجة إلى مجيء مولانا السلطان إلى قتالي؟ ابعث إلى بنجاب أو جمال حتى أجيء معه إلى بين يديك. فبعث إليه بذلك فلما سمع نور الدين مثل هذا الكلام لان قلبه له، وانصرفت همته عنه، واشتغل بغيره، وكان أمر الله قدرا مقدورا.

وفيها اتخذ نور الدين الحمام الهوادي، وذلك لامتداد مملكته واتساعها، فإنه ملك من حد النوبة إلى همذان لا يتخللها إلا بلاد الفرنج، وكلهم تحت قهره وهدنته، ولذلك اتخذ في كل قلعة وحصن الحمام التي يحمل الرسائل إلى الآفاق في أسرع مدة، وأيسر عدة، وما أحسن ما قال فيهن القاضي الفاضل الحمام ملائكة الملوك، وقد أطنب ذلك العماد الكاتب، وأطرب وأعجب وأغرب.

[وممن توفى فيها من الأعيان.]

[عبد الله بن أحمد]

ابن أحمد بن أحمد أبو محمد بن الخشاب، قرأ القرآن وسمع الحديث، واشتغل بالنحو حتى ساد أهل زمانه فيهما، وشرح الجمل لعبد القاهر [الجرجاني]، وكان رجلا صالحا متطوعا، وهذا نادر في النحاة، توفى في شعبان من هذه السنة ودفن قريبا من الامام أحمد، ورئي في المنام فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال غفر لى وأدخلنى الجنة إلا أنه أعرض عنى وعن جماعة من العلماء تركوا العمل واشتغلوا بالقول، قال ابن خلكان: كان مطرحا للكلفة في مأكله وملبسه، وكان لا يبالي بمن شرق أو غرب.

[محمد بن محمد بن محمد]

أبو المظفر الدوي، تفقه على محمد بن يحيى تلميذ الغزالي، وناظر ووعظ ببغداد، وكان يظهر مذهب الأشعري، ويتكلم في الحنابلة مات في رمضان منها.

[ناصر بن الجونى الصوفي]

كان يمشى في طلب الحديث حافيا، توفى ببغداد. قال أبو شامة: وفيها توفى.

[نصر الله [بن عبد الله] أبو الفتوح]

الإسكندري المعروف بابن قلاقس الشاعر بعيذاب، توفى عن خمس وأربعين سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>