وفي يوم الثلاثاء عاشر ذي القعدة قلد أبو عبد الله محمد بن على الدامغانيّ قضاء القضاة، وخلع عليه به، وذلك بعد موت ابن ماكولا، ثم خلع الخليفة على الملك طغرلبك بعد دخوله بغداد بيوم، ورجع إلى داره وبين يديه الدبادب والبوقات.
وفي هذا الشهر توفى ذخيرة الدين أبو العباس محمد بن الخليفة القائم بأمر الله، وهو ولى عهد أبيه فعظمت الرزية به. وفيها استولى أبو كامل على بن محمد الصليحى الهمدانيّ على أكثر أعمال اليمن، وخطب للفاطميين، وقطع خطبة العباسيين. وفيها كثر فساد الغز ونهبوا دواب الناس حتى بيع الثور بخمسة قراريط. وفيها اشتد الغلاء بمكة وعدمت الأقوات، وأرسل الله عليهم جرادا فتعوضوا به عن الطعام. ولم يحج أحد من أهل العراق.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[الحسن بن على]
ابن جعفر بن على بن محمد بن دلف بن أبى دلف العجليّ قاضى القضاة، المعروف بابن ماكولا الشافعيّ، وقد ولى القضاء بالبصرة، ثم ولى قضاء القضاة ببغداد سنة عشرين وأربعمائة في خلافة المقتدر، وأقره ابنه القائم إلى أن مات في هذه السنة، عن تسع وسبعين سنة، منها في القضاء سبع وعشرون سنة، وكان صينا دينا لا يقبل من أحد هدية ولا من الخليفة، وكان يذكر أنه سمع من أبى عبد الله بن مندة، وله شعر حسن فمنه:
تصابى برهة من بعد شيب … فما أغنى المشيب عن التصابي
وسود عارضيه بلون خضب … فلم ينفعه تسويد الخضاب
وأبدى للأحبة كل لطف … فما زادوا سوى فرط اجتناب
سلام الله عودا بعد بدئ … على أيام ريعان الشباب
تولى عزمه يوما وأبقى … بقلبي حسرة ثم اكتئاب
[على بن المحسن بن على]
ابن محمد بن أبى الفهم أبو القاسم التنوخي، قال ابن الجوزي: وتنوخ اسم لعدة قبائل اجتمعوا بالبحرين، وتحالفوا على التناصر والتآزر، فسموا تنوخا. ولد بالبصرة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع الحديث سنة سبعين، وقبلت شهادته عند الحكام في حداثته، وولى القضاء بالمدائن وغيرها، وكان صدوقا محتاطا، إلا أنه كان يميل إلى الاعتزال والرفض.
[ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة]
في يوم الخميس لثمان بقين من المحرم عقد الخليفة على خديجة بنت أخى السلطان طغرلبك على صداق مائة ألف دينار، وحضر هذا العقد عميد الملك الكندري، وزير طغرلبك، وبقية العلويين