الشيخ زين الدين ابن الحافظ شيخ دار الحديث النورية بدمشق، كان عالما بصناعة الحديث حافظا لأسماء الرجال، وقد اشتغل عليه في ذلك الشيخ محيي الدين النواوى وغيره، وتولى بعده مشيخة دار الحديث النورية الشيخ تاج الدين الفزاري، كان الشيخ زين الدين حسن الأخلاق فكه النفس كثير المزاح على طريقة المحدثين، رحل إلى بغداد واشتغل بها، وسمع الحديث وكان فيه خير وصلاح وعبادة، وكانت جنازته حافلة ودفن بمقابر باب الصغير ﵀.
[الشيخ أبو القاسم الحواري]
هو أبو القاسم يوسف ابن أبى القاسم بن عبد السلام الأموي الشيخ المشهور صاحب الزاوية بحواري، توفى ببلده، وكان خيرا صالحا له أتباع وأصحاب يحبونه، وله مريدون كثير من قرايا حوران في الحل والبثنية وهم حنابلة لا يرون الضرب بالدف بل بالكف، وهم أمثل من غيرهم.
[القاضي بدر الدين الكردي السنجاري]
الّذي باشر القضاء بمصر مرارا توفى بالقاهرة. قال أبو شامة: وسيرته معروفة في أخذ الرشا من قضاة الاطراف والمتحاكمين إليه، إلا أنه كان جوادا كريما صودر هو وأهله.
[ثم دخلت سنة أربع وستين وستمائة]
استهلت والخليفة الحاكم العباسي والسلطان الملك الظاهر وقضاة مصر أربعة. وفيها جعل بدمشق أربعة قضاة من كل مذهب قاض كما فعل بمصر عام أول، ونائب الشام آقوش النجيبى، وكان قاضى قضاة الشافعية ابن خلكان، والحنفية شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطا، والحنابلة شمس الدين عبد الرحمن ابن الشيخ أبى عمر، والمالكية عبد السلام بن الزواوى، وقد امتنع من الولاية فألزم بها حتى قبل ثم عزل نفسه، ثم ألزم بها فقبل بشرط أن لا يباشر أوقافا ولا يأخذ جامكية على أحكامه، وقال: نحن في كفاية فأعفى من ذلك أيضا ﵏. وقد كان هذا الصنيع الّذي لم يسبق إلى مثله قد فعل في العام الأول بمصر كما تقدم، واستقرت الأحوال على هذا المنوال.
وفيها كمل عمارة الحوض الّذي شرقى قناة باب البريد وعمل له شاذروان وقبة وأنابيب يجرى منها الماء إلى جانب الدرج الشمالية.
وفيها نازل الظاهر صغد واستدعى بالمنجانيق من دمشق وأحاط بها ولم يزل حتى افتتحها، ونزل أهلها على حكمه، فتسلم البلد في يوم الجمعة ثامن عشر شوال، وقتل المقاتلة وسبى الذرية، وقد افتتحها الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب في شوال أيضا في أربع وثمانين وخمسمائة، ثم استعادها الفرنج فانتزعها الظاهر منهم قهرا في هذه السنة ولله الحمد، وكان السلطان الظاهر في نفسه منهم شيء