للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نلبث أن جاءتنا وفاة النبي فارتاب أصحابى وقالوا لو كان نبيا لم يمت. فقلت: قد مات الأنبياء قبله، وثبت على إسلامي ثم خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه، فقلت له أخبرنى عن أمر أردته نفخ في صدري منه شيء، فقال ائت باسم من الأسماء فأتيته بكعب فقال القه في هذا السفر لسفر أخرجه فألقيت الكعب فيه فصفح فيه فإذا بصفة النبي كما رأيته وإذا هو يموت في الحين الّذي مات فيه، قال فاشتدت بصيرتي في إيماني وقدمت على أبى بكر فأعلمته وأقمت عنده، فوجهني الى المقوقس فرجعت، ووجهني أيضا عمر بن الخطاب فقدمت عليه بكتابه، فأتيته وكانت وقعة اليرموك ولم أعلم بها فقال لي: أعلمت أن الروم قتلت العرب وهزمتهم؟ فقلت كلا قال ولم؟ قلت إن الله وعد نبيه أن يظهره على الدين كله وليس بمخلف الميعاد. قال فان نبيكم قد صدقكم قتلت الروم والله قتل عاد. قال: ثم سألني عن وجوه أصحاب رسول الله فأخبرته وأهدى الى عمر وإليهم. وكان ممن أهدى اليه عليّ وعبد الرحمن والزبير - وأحسبه ذكر العباس - قال كعب وكنت شريكا لعمر في البز في الجاهلية، فلما أن فرض الديوان فرض لي في بنى عدي ابن كعب. وهذا أثر غريب وفيه نبأ عجيب وهو صحيح.

[فصل]

قال محمد بن إسحاق: ولما توفى رسول الله ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم، حتى جمعهم الله على أبى بكر . قال ابن هشام: وحدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم أن أكثر أهل مكة لما توفى رسول الله هموا بالرجوع عن الإسلام وأرادوا ذلك، حتى خافهم عتاب بن أسيد فتوارى. فقام سهيل بن عمرو ، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر وفاة رسول الله ، وقال: إن ذلك لم يزد الإسلام إلا قوة، فمن رابنا ضربنا عنقه، فتراجع الناس وكفوا عما هموا به، فظهر عتاب بن أسيد. فهذا المقام الّذي أراد رسول الله في قوله لعمر بن الخطاب - يعنى حين أشار بقلع ثنيته حين وقع في الأسارى يوم بدر - إنه عسى أن يقوم مقاما لا تذمنه.

قلت: وسيأتي عما قريب إن شاء الله ذكر ما وقع بعد وفاة رسول الله من الردة في أحياء كثيرة من العرب، وما كان من أمر مسيلمة بن حبيب المتنبئ باليمامة، والأسود العنسيّ باليمن، وما كان من أمر الناس حتى فاءوا ورجعوا الى الله تائبين نازعين عما كانوا عليه في حال ردتهم من السفاهة والجهل العظيم الّذي استفزهم الشيطان به، حتى نصرهم الله وثبتهم وردهم الى دينه الحق على يدي الخليفة الصديق أبى بكر وأرضاه، كما سيأتي مبسوطا مبينا مشروحا ان شاء الله

<<  <  ج: ص:  >  >>