للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوزير فتح الدين]

أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن نصر بن صقر القرشي المخزومي ابن القيسراني، كان شيخا جليلا أديبا شاعرا مجودا من بيت رياسة ووزارة، ولى وزارة دمشق مدة ثم أقام بمصر موقعا مدة، وكان له اعتناء بعلوم الحديث وسماعه، وله مصنف في أسماء الصحابة الذين خرج لهم في الصحيحين، وأورد شيئا من أحاديثهم في مجلدين كبيرين موقوفين بالمدرسة الناصرية بدمشق، وكان له مذاكرة جيدة محررة باللفظ والمعنى، وقد خرج عنه الحافظ الدمياطيّ، وهو آخر من توفى من شيوخه، توفى بالقاهرة في يوم الجمعة الحادي والعشرين من ربيع الآخر، وأصلهم من قيسارية الشام. وكان جده موفق الدين أبو البقاء خالد وزيرا لنور الدين الشهيد، وكان من الكتاب المجيدين المتقنين، له كتابة جيدة محررة جدا، توفى في أيام صلاح الدين سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وأبوه محمد بن نصر بن صقر ولد بعكة قبل أخذ الفرنج لها سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، فلما أخذت بعد السبعين وأربعمائة انتقل أهلهم إلى حلب وكانوا بها، وكان شاعرا مطبقا له ديوان مشهور، وكان له معرفة جيدة بالنجوم وعلم الهيئة وغير ذلك.

[ترجمة والد ابن كثير مؤلف هذا التاريخ]

وفيها توفى الوالد وهو الخطيب شهاب الدين أبو حفص عمر بن كثير بن ضو بن كثير بن ضو بن درع القرشي من بنى حصلة، وهم ينتسبون إلى الشرف وبأيديهم نسب، وقف على بعضها شيخنا المزي فأعجبه ذلك وابتهج به، فصار يكتب في نسبي بسبب ذلك: القرشي، من قرية يقال لها الشركوين غربي بصرى، بينها وبين أذرعات، ولد بها في حدود سنة أربعين وستمائة، واشتغل بالعلم عند أخواله بنى عقبة ببصرى، فقرأ البداية في مذهب أبى حنيفة، وحفظ جمل الزجاجي، وعنى بالنحو والعربية واللغة، وحفظ أشعار العرب حتى كان يقول الشعر الجيد الفائق الرائق في المدح والمراثي وقليل من الهجاء، وقرر بمدارس بصرى بمنزل الناقة شمالي البلد حيث يزار، وهو المبرك المشهور عند الناس والله أعلم بصحة ذلك، ثم انتقل إلى خطابة القرية شرقى بصرى وتمذهب للشافعي، وأخذ عن النواوى والشيخ تقى الدين الفزاري، وكان يكرمه ويحترمه فيما أخبرنى شيخنا العلامة ابن الزملكانى، فأقام بها نحوا من ثنتى عشرة سنة، ثم تحول إلى خطابة مجيدل القرية التي منها الوالدة، فأقاما بها مدة طويلة في خير وكفاية وتلاوة كثيرة، وكان يخطب جيدا، وله مقول عند الناس، ولكلامه وقع لديانته وفصاحته وحلاوته، وكان يؤثر الاقامة في البلاد لما يرى فيها من الرّفق ووجود الحلال له ولعياله، وقد ولد له عدة أولاد من الوالدة ومن أخرى قبلها، أكبرهم إسماعيل ثم يونس وإدريس، ثم من الوالدة عبد الوهاب وعبد العزيز ومحمد وأخوات عدة، ثم أنا أصغرهم، وسميت

<<  <  ج: ص:  >  >>