المذكورون أيضا. وفي يوم الجمعة سادس عشر محرم كملت عمارة الجامع الّذي بالمزة الفوقانية الّذي جدده وأنشأه الأمير بهاء الدين المرجاني، الّذي بنى والده مسجد الخيف بمنى وهو جامع حسن متسع فيه روح وانشراح، تقبل الله من بإنية، وعقدت فيه الجمعة بجمع كثير وجم غفير من أهل المزة، ومن حضر من أهل البلد، وكنت أنا الخطيب - يعنى الشيخ عماد الدين المصنف تغمده الله برحمته - ولله الحمد والمنة. ووقع كلام وبحث في اشتراط المحلل في المسابقة، وكان سببه أن الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية صنف فيه مصنفا من قبل ذلك، ونصر فيه ما ذهب إليه الشيخ تقى الدين بن تيمية في ذلك، ثم صار يفتى به جماعة من الترك ولا يعزوه إلى الشيخ تقى الدين بن تيمية، فاعتقد من اعتقد أنه قوله وهو مخالف للأئمة الأربعة، فحصل عليه إنكار في ذلك، وطلبه القاضي الشافعيّ، وحصل كلام في ذلك، وانفصل الحال على أن أظهر الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية الموافقة للجمهور.
[وفاة الملك الصالح إسماعيل]
في يوم الأربعاء ثالث شهر ربيع الآخر من هذه السنة أظهر موت السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ابن الناصر بن المنصور آخر النهار، وكان قد عهد بالأمر إلى أخيه لأبويه الملك الكامل سيف الدين أبى الفتوح شعبان، فجلس على سرير المملكة يوم الخميس رابعه، وكان يوما مشهودا، ثم قدم الخبر إلى دمشق عشية الخميس ليلة الجمعة الثاني عشر منه، وكان البريد قد انقطع عن الشام نحو عشرين يوما للشغل بمرض السلطان، فقدم الأمير سيف الدين معزا للبيعة للملك الكامل، فركب عليه الجيش لتلقيه، فلما كان صبيحة الجمعة أخذت البيعة من النائب والمقدمين وبقية الأمراء والجند للسلطان الملك الكامل بدار السعادة، ودقت البشائر وزين البلد وخطب الخطباء يومئذ للملك الكامل، جعله الله وجها مباركا على المسلمين.
وفي صبيحة يوم الاثنين الثاني والعشرين من ربيع الآخر درس القاضي جمال الدين حسين ابن قاضى القضاة تقى الدين السبكى الشافعيّ بالمدرسة الشامية البرانية، نزل له أبوه عنها، واستخرج له مرسوما سلطانيا بذلك، فحضر عنده القضاة والأعيان وجماعة من الأمراء والفقهاء، وجلس بين أبيه والقاضي الحنفي، وأخذ في الدرس في قوله تعالى. ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الآيات. وتكلم الشريف مجد الدين المتكلم في الدرس بكلام فيه بكارة وبشاعة، فشنع عليه الحاضرون، فاستتيب بعد انقضاء الدرس وحكم بإسلامه، وقد طلب إلى الديار المصرية نائب دمشق الأمير سيف الدين تغردمر وهو متمرض، انقطع عن الجمعة بسبب المرض مرات، والبريد يذهب إلى حلب لمجيء نائبها الأمير سيف الدين يلبغا لنيابة دمشق، وذكر أن الحاج أرقطيه تعين لنيابة حلب. وفي يوم الجمعة رابع جمادى الاولى