للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأصم شيئا كثيرا، فلما مات الحاكم روى عنه أشياء كثيرة جدا، وكان يضع للصوفية الأحاديث. قال ابن الجوزي: وكانت وفاته في ثالث شعبان منها.

أبو على الحسن بن على الدقاق النيسابورىّ

كان يعظ الناس ويتكلم على الأحوال والمعرفة، فمن كلامه: من تواضع لأحد لأجل دنياه ذهب ثلثا دينه، لأنه خضع له بلسانه وأركانه، فان اعتقد تعظيمه بقلبه أو خضع له به ذهب دينه كله. وقال في قوله تعالى ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ اذكروني وأنتم أحياء أذكركم وأنتم أموات تحت التراب، وقد تخلى عنكم الأقارب والأصحاب والأحباب. وقال: البلاء الأكبر أن تريد ولا تراد، وتدنو فترد إلى الطرد والإبعاد، وأنشد عند قوله تعالى ﴿وَتَوَلّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ﴾

جننا بليلى وهي جنت بغيرنا … وأخرى بنا مجنونة لا نريدها

وقال في

قوله «حفت الجنة بالمكاره»: إذا كان هذا المخلوق لا وصل إليه إلا بتحمل المشاق فما الظن بمن لم يزل؟ وقال في

قوله «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها».

يا عجبا لمن لم ير محسنا غير الله كيف لا يميل بكليته إليه؟ قلت: كلامه على هذا الحديث جيد والحديث لا يصح بالكلية

[صريع الدلال الشاعر]

أبو الحسن على بن عبيد الواحد، الفقيه البغدادي، الشاعر الماجن، المعروف بصريع الدلال، قتيل الغواني ذي الرقاعتين، له قصيدة مقصورة عارض بها مقصورة ابن دريد يقول فيها:

وألف حمل من متاع تستر … أنفع للمسكين من لقط النوى

من طبخ الديك ولا يذبحه … طار من القدر إلى حيث انتهى

من دخلت في عينه مسلة … فسله من ساعته كيف العمى

والذقن شعر في الوجوه طالع … كذلك العقصة من خلف القفا

إلى أن ختمها بالبيت الّذي حسد عليه وهو قوله:

من فاته العلم وأخطاه الغنى … فذاك والكلب على حد سوى

قدم مصر في سنة ثنتى عشرة وأربعمائة وامتدح فيها خليفتها الظاهر لاعزاز دين الله بن الحاكم واتفقت وفاته بها في رجبها.

[ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة]

فيها جرت كائنة غريبة عظيمة، ومصيبة عامة، وهي أن رجلا من المصريين من أصحاب الحاكم اتفق مع جماعة من الحجاج المصريين على أمر سوء، وذلك أنه لما كان يوم النفر الأول طاف هذا الرجل بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر الأسود جاء ليقبله فضربه بدبوس كان معه ثلاث ضربات

<<  <  ج: ص:  >  >>