للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَبَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، أَخَذَهَا مِنْ بِلَادِ الْحِيرَةِ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَسْلَمُ بْنُ سِدْرَةَ، وسأله ممن اقتبستها؟ فَقَالَ: مِنْ وَاضِعِهَا رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ مُرَامِرُ بن مروة، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ. فَأَصْلُ الْكِتَابَةِ فِي الْعَرَبِ مِنَ الْأَنْبَارِ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: وَقَدْ كَانَ لِحِمْيَرَ كِتَابَةٌ يُسَمُّونَهَا الْمُسْنَدَ، وَهِيَ حُرُوفٌ مُتَّصِلَةٌ غَيْرُ مُنْفَصِلَةٍ، وَكَانُوا يَمْنَعُونَ الْعَامَّةَ مِنْ تَعَلُّمِهَا، وَجَمِيعُ كِتَابَاتِ النَّاسِ تَنْتَهِي إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ صِنْفًا وَهِيَ الْعَرَبِيَّةُ وَالْحِمْيَرِيَّةُ، واليونانية، والفارسية، والرومانية، وَالْعِبْرَانِيَّةُ، وَالرُّومِيَّةُ، وَالْقِبْطِيَّةُ، وَالْبَرْبَرِيَّةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْدَلُسِيَّةُ، وَالصِّينِيَّةُ. وَقَدِ انْدَرَسَ كَثِيرٌ مِنْهَا فَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُ شيئا منها.

وفيها توفى من الأعيان

[على بن عيسى]

ابن سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْفَارِسِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسُّكَّرِيِّ الشَّاعِرُ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ ويعرف القراءات، وصحب أَبَا بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيَّ، وَأَكْثَرُ شَعْرِهِ فِي مَدِيحِ الصحابة وذم الرافضة. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ودفن بالقرب من قبر معروف، وقد كان أَوْصَى أَنْ يُكْتَبَ عَلَى قَبْرِهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ الَّتِي عَمِلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ:

نَفْسُ، يَا نَفْسُ كم تمادين في تلفى ... وتمشين فِي الْفِعَالِ الْمَعِيبِ

رَاقِبِي اللَّهَ وَاحْذَرِي مَوْقِفَ العرض ... وَخَافِي يَوْمَ الْحِسَابِ الْعَصِيبِ

لَا تَغُرَّنَّكِ السَّلَامَةُ في العيش ... فَإِنَّ السَّلِيمَ رَهْنُ الْخُطُوبِ

كُلُّ حَيٍّ فَلِلْمَنُونِ ولا يدفع ... كأس المنون كيد الأديب

وَاعْلَمِي أَنْ لِلْمَنِيَّةِ وَقْتًا ... سَوْفَ يَأْتِي عَجْلَانَ غَيْرَ هَيُوبِ

إِنَّ حُبَّ الصَّدِيقِ فِي مَوْقِفِ ... الحشر أَمَانٌ لِلْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ

أَبُو جَعْفَرٍ الْبَيِّعُ، وَيُعْرَفُ بِالْعَتِيقِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَقَامَ بِطَرَسُوسَ مُدَّةً، وَسَمِعَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا، وَحَدَّثَ بِشَيْءٍ يسير.

[ابن النعمان]

شيخ الإمامية الروافض، وَالْمُصَنِّفُ لَهُمْ، وَالْمُحَامِي عَنْ حَوْزَتِهِمْ، كَانَتْ لَهُ وجاهة عند ملوك الأطراف، لميل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيع، وكان مجلسه يحضره خلق كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ سَائِرِ الطَّوَائِفِ، وَكَانَ من جملة تلاميذه الشريف الرضى والمرتضى، وقد رثاه بقصيدة بعد وفاته في هذه السنة، منها قوله:

من لعضل أَخْرَجْتَ مِنْهُ حُسَامَا ... وَمَعَانٍ فَضَضْتَ عَنْهَا خِتَامَا؟

مَنْ يُثِيرُ الْعُقُولَ مِنْ بَعْدِ مَا ... كُنَّ هُمُودًا وَيَفْتَحُ الْأَفْهَامَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>