المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد بن داود أبو الفرج النهرواني القاضي - لأنه ناب في الحكم - المعروف بابن طرار الجريريّ، لأنه اشتغل على ابن جرير الطبري، وسلك وراءه في مذهبه، فنسب إليه. سمع الحديث من البغوي وابن صاعد وخلق، وروى عنه جماعة، وكان ثقة مأمونا عالما فاضلا كثير الآداب والتمكن في أصناف العلوم، وله المصنفات الكثيرة منها كتابه المسمى بالجليس والأنيس، فيه فوائد كثيرة جمة، وكان الشيخ أبو محمد الباقلاني أحد أئمة الشافعية يقول:
إذا حضر المعافى حضرت العلوم كلها، ولو أوصى رجل بثلث ماله لأعلم الناس لوجب أن يصرف إليه. وقال غيره: اجتمع جماعة من الفضلاء في دار بعض الرؤساء وفيهم المعافى فقالوا: هل نتذاكر في فن من العلوم؟ فقال المعافى لصاحب المنزل - وكان عنده كتب كثيرة في خزانة عظيمة - مر غلامك أن يأتى بكتاب من هذه الكتب، أي كتاب كان نتذاكر فيه. فتعجب الحاضرون من تمكنه وتبحره في سائر العلوم، وقال الخطيب البغدادي: أنشدنا الشيخ أبو الطيب الطبري أنشدنا المعافى بن زكريا لنفسه:
ألا قل لمن كان لي حاسدا … أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله سبحانه … لأنك لا ترضى لي ما وهب
فجازاك عنى بأن زادني … وسد عليك وجوه الطلب
توفى في ذي الحجة من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة، ﵀.
[ابن فارس]
صاحب المجمل، وقيل إنه توفى في سنة خمس وتسعين كما سيأتي.
[أم السلامة]
بنت القاضي أبى بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شنخرة، أم الفتح، سمعت من محمد بن إسماعيل النصلانى وغيره، وعنها الأزهري والتنوخي وأبو يعلى بن الفراء وغيرهم، وأثنى عليها غير واحد في دينها وفضلها وسيادتها. وكان مولدها في رجب من سنة ثمان وتسعين، وتوفيت في رجب أيضا من هذه السنة عن ثنتين وتسعين سنة، رحمها الله تعالى.
[ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة]
فيها بايغ الخليفة القادر بالله لولده أبى الفضل بولاية العهد من بعده، وخطب له على المنابر بعد أبيه، ولقب بالغالب بالله، وكان عمره حينئذ ثماني سنين وشهورا، ولم يتم له ذلك وكان سبب ذلك ان رجلا يقال له عبد الله بن عثمان الواقفي ذهب إلى بعض الاطراف من بلاد الترك، وادعى أن