للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حملت أمرا عظيما فاضطلعت به … وسرت فيه بأمر الله يا عمرا

الشمس كاسفة ليست بطالعة … تبكى عليك نجوم الليل والقمرا

وقال محارب بن دثار يرثى عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: -

لو أعظم الموت خلقا أن يواقعه … لعدله لم يصبك الموت يا عمر

كم من شريعة عدل قد نعشت لهم … كادت تموت وأخرى منك تنتظر

يا لهف نفسي ولهف الواجدين معى … على العدول التي تغتالها الحفر

ثلاثة ما رأت عيني لهم شبها … تضم أعظمهم في المسجد الحفر

وأنت تتبعهم لم تأل مجتهدا … سقيا لها سنن بالحق تفتقر

لو كنت أملك والأقدار غالبة … تأتى رواحا وتبيانا وتبتكر

صرفت عن عمر الخيرات مصرعه … بدير سمعان لكن يغلب القدر

قالوا: وكانت وفاته بدير سمعان من أرض حمص، يوم الخميس، وقيل الجمعة لخمس مضين، وقيل بقين من رجب، وقيل لعشر بقين منه، سنة إحدى وقيل ثنتين ومائة، وصلى عليه ابن عمه مسلمة ابن عبد الملك، وقيل صلى عليه يزيد بن عبد الملك، وقيل ابنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وكان عمره يوم مات تسعا وثلاثين سنة وأشهرا، وقيل إنه جاوز الأربعين بأشهر، وقيل بسنة، وقيل بأكثر، وقيل إنه عاش ثلاثا وستين سنة، وقيل ستا وثلاثين، وقيل سبعا وثلاثين، وقيل ثمانيا وثلاثين سنة، وقيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين ولم يبلغها. وقال أحمد عن عبد الرزاق عن معمر: مات على رأس خمس وأربعين وأربعين سنة. قال ابن عساكر: وهذا وهم، والصحيح الأول تسعا وثلاثين سنة وأشهرا. وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، وقيل أربعة عشر يوما، وقيل سنتان ونصف.

وكان أسمر دقيق الوجه حسنه نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين، بجبهته أثر شجة وكان قد شاب وخضب ، والله سبحانه أعلم.

[فصل]

لما ولى عمر بن عبد العزيز الخلافة جاءه صاحب الشرطة ليسير بين يديه بالحربة على عادته مع الخلفاء قبله، فقال له عمر: ما لي ولك؟ تنح عنى، إنما أنا رجل من المسلمين. ثم سار وساروا معه حتى دخل المسجد، فصعد المنبر واجتمع الناس إليه فقال: أيها الناس! إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأى كان منى فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم ولأمركم من تريدون. فصاح المسلمون صيحة واحدة: قد اخترناك

<<  <  ج: ص:  >  >>