خلت من رجب في هذه السنة في دار الأمير يارجوخ وذلك قبل خلع المهتدي بأيام، ثم كانت بيعة العامة يوم الاثنين لثمان مضت من رجب، قيل ولعشرين بقين من رجب دخل موسى بن بغا ومفلح إلى سرمن رأى فنزل موسى في داره وسكن وخمدت الفتنة هنالك، وأما صاحب الزنج المدعى أنه علوي فهو محاصر للبصرة والجيوش الخليفية في وجهه دونها، وهو في كل يوم يقهرهم ويغنم أموالهم وما يفد إليهم في المراكب من الأطعمة وغيرها، ثم استحوذ بعد ذلك على الأبلة وعبادان وغيرهما من البلاد وخاف منه أهل البصرة خوفا شديدا، وكلما لأمره في قوة وجيوشه في زيادة، ولم يزل ذلك دأبه إلى انسلاخ هذه السنة.
وفيها خرج رجل آخر في الكوفة يقال له على بن زيد الطالبي، وجاء جيش من جهة الخليفة فكسره الطالبي واستفحل أمره بالكوفة وقويت شوكته، وتفاقم أمره. وفيها وثب محمد بن واصل التميمي على نائب الأهواز الحارث بن سيما الشرابي فقتله واستحوذ على بلاد الأهواز. وفي رمضان منها تغلب الحسن بن زيد الطالبي على بلاد الري فتوجه إليه موسى بن بغا في شوال، وخرج الخليفة لتوديعه. وفيها كانت وقعة عظيمة على باب دمشق بين اماجور نائب دمشق - ولم يكن معه إلا قريب من أربعمائة فارس - وبين ابن عيسى بن الشيخ، وهو في قريب من عشرين ألفا، فهزمه اماجور وجاءت ولاية من الخليفة لابن الشيخ على بلاد ارمينية على أن يترك أهل الشام، فقبل ذلك وانصرف عنهم. وفيها حج بالناس محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور، وكان في جملة من حج أبو أحمد بن المتوكل. فتعجل وعجل السير إلى سامرا فدخلها ليلة الأربعاء لثلاث بقيت من ذي الحجة من هذه السنة.
[وفيها توفى]
[المهتدي بالله الخليفة]
كما تقدم رحمه الله تعالى.
[والزبير بن بكار]
ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري قاضى مكة.
قدم بغداد وحدث بها، وله كتاب أنساب قريش، وكان من أهل العلم بذلك، وكتابه في ذلك حافل جدا. وقد روى عنه ابن ماجة وغيره، ووثقه الدار قطنى والخطيب وأثنى عليه وعلى كتابه.
وتوفى بمكة عن أربع وثمانين سنة في ذي القعدة من هذه السنة.
[محمد بن إسماعيل البخاري]
صاحب الصحيح، وقد ذكرنا له ترجمة حافلة في أول شرحنا لصحيحه، ولنذكر ها هنا نبذة يسيرة من ذلك فنقول: هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بزدز به الجعفي مولاهم أبو عبد الله البخاري الحافظ، إمام أهل الحديث في زمانه، والمقتدى به في أوانه، والمقدم على سائر أضرابه وأقرانه، وكتابه الصحيح يستقى بقراءته الغمام، وأجمع العلماء على قبوله وصحة ما فيه، وكذلك