النمري قل شعرا تحبب فيه بغداد إلى. فقد اختار عليها الرافقة فقال:
ماذا ببغداد من طيب الأفانين … ومن منازه للدنيا وللدين
تحيى الرياح بها المرضى إذا نسمت … وجوشت بين أغصان الرياحين
قال: فأعطته ألفى دينار. وقال الخطيب: وقرأت في كتاب طاهر بن مظفر بن طاهر الخازن بخطه من شعره:
سقى الله صوب الغاديات محلة … ببغداد بين الكرخ فالخلد فالجسر
هي البلدة الحسناء خصت لأهلها … بأشياء لم يجمعن مذ كن في مصر
هواء رقيق في اعتدال وصحة … وماء له طعم ألذ من الخمر
ودجلتها شطان قد نظما لنا … بتاج إلى تاج وقصر إلى قصر
ثراها كمسك والمياه كفضة … وحصباؤها مثل اليواقيت والدر
وقد أورد الخطيب في هذا أشعارا كثيرة وفيما ذكرنا كفاية. وقد كان الفراغ من بناء بغداد في هذه السنة - أعنى سنة ست وأربعين ومائة - وقيل في سنة ثمان وأربعين، وقيل إن خندقها وسورها كملا في سنة سبع وأربعين، ولم يزل المنصور يزيد فيها ويتأنق في بنائها حتى كان آخر ما بنى فيها قصر الخلد، فظن أنه يخلد فيها، أو أنها تخلد فلا تخرب، فعند كماله مات. وقد خربت بغداد مرات كما سيأتي بيانه.
قال ابن جرير: وفي هذه السنة عزل المنصور سلم بن قتيبة عن البصرة وولى عليها محمد بن سليمان بن على، وذلك لأنه كتب إلى سلم يأمره بهدم بيوت الذين بايعوا إبراهيم بن عبد الله بن حسن فتوانى في ذلك فعزله، وبعث ابن عمه محمد بن سليمان فعاث بها فسادا، وهدم دورا كثيرة. وعزل عبد الله بن الربيع عن إمرة المدينة وولى عليها جعفر بن سليمان، وعزل عن مكة السري بن عبد الله وولى عليها عبد الصمد بن على. قال: وحج بالناس في هذه السنة عبد الوهاب بن إبراهيم ابن محمد بن على قاله الواقدي وغيره. قال: وفيها غزا الصائفة من بلاد الروم جعفر بن حنظلة البهراني. وفيها توفى من الأعيان أشعث بن عبد الملك، وهشام بن السائب الكلبي، وهشام بن عروة. ويزيد بن أبى عبيد في قول.
[ثم دخلت سنة سبع وأربعين ومائة]
فيها أغار اشترخان الخوارزمي في جيش من الأتراك على ناحية أرمينية فدخلوا تفليس وقتلوا خلقا كثيرا وأسروا كثيرا من المسلمين وأهل الذمة، وممن قتل يومئذ حرب بن عبد الله الراونديّ الّذي تنسب إليه الحربية ببغداد، وكان مقيما بالموصل في ألفين لمقابلة الخوارج، فأرسله المنصور