قلت فعلى هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة فظاهر سياق حديث الشارفين يقتضي أن ذلك عقب وقعة بدر بيسير فيكون ذلك كما ذكرناه في أواخر السنة الثانية والله أعلم.
[فصل في ذكر جمل من الحوادث في سنة ثنتين من الهجرة]
تقدم ما ذكرناه من تزويجه ﵇ بعائشة أم المؤمنين ﵂ وذكرنا ما سلف من الغزوات المشهورة وقد تضمن ذلك وفيات أعيان من المشاهير من المؤمنين والمشركين، فكان ممن توفى فيها الشهداء يوم بدر وهم أربعة عشر ما بين مهاجري وأنصارى تقدم تسميتهم، والرؤساء من مشركي قريش وقد كانوا سبعين رجلا على المشهور، وتوفى بعد الوقعة بيسير أبو لهب عبد العزى ابن عبد المطلب لعنه الله كما تقدم، ولما جاءت البشارة إلى المؤمنين من أهل المدينة مع زيد حارثة وعبد الله بن رواحة بما أحل الله بالمشركين وبما فتح على المؤمنين وجدوا رقية بنت رسول الله ﷺ قد توفيت وساووا عليها التراب، وكان زوجها عثمان بن عفان قد أقام عندها يمرضها بأمر النبي ﷺ له بذلك. ولهذا ضرب له بسهمه في مغانم بدر وأجره عند الله يوم القيامة، ثم زوجه بأختها الأخرى أم كلثوم بنت رسول الله ﷺ ولهذا كان يقال لعثمان بن عفان ذو النورين ويقال إنه لم يغلق أحد على ابنتي نبي واحدة بعد الأخرى غيره ﵁ وأرضاه. وفيها حولت القبلة كما تقدم وزيد في صلاة الحضر على ما سلف، وفيها فرض الصيام صيام رمضان كما تقدم وفيها فرضت الزكاة ذات النصب وفرضت زكاة الفطر وفيها خضع المشركون من أهل المدينة واليهود الذين هم بها من بنى قينقاع وبنى النضير وبنى قريظة ويهود بنى حارثة وصانعوا المسلمين وأظهر الإسلام طائفة كثيرة من المشركين واليهود وهم في الباطن منافقون منهم من هو على ما كان عليه ومنهم من انحل بالكلية فبقي مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كما وصفهم الله في كتابه.
قال ابن جرير وفيها كتب رسول الله ﷺ المعاقل وكانت معلقة بسيفه قال ابن جرير وقيل إن الحسن بن على ولد فيها، قال وأما الواقدي فإنه زعم أن ابن أبى سبرة حدثه عن إسحاق بن عبد الله عن أبى جعفر أن على بن أبى طالب بنى بفاطمة في ذي الحجة منها قال فان كانت هذه الرواية صحيحه فالقول الأول باطل ثم الجزء الثالث من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء الرابع وأوله سنة ثلاث من الهجرة