للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ورابعة العدوية]

وهي رابعة بنت إسماعيل مولاة آل عتيك، العدوية البصرية العابدة المشهورة. ذكرها أبو نعيم في الحلية والرسائل، وابن الجوزي في صفوة الصفوة، والشيخ شهاب الدين السهروردي في المعارف، والقشيري. وأثنى عليها أكثر الناس، وتكلم فيها أبو داود السجستاني، واتهمها بالزندقة، فلعله بلغه عنها أمر. وأنشد لها السهروردي في المعارف:

إني جعلتك في الفؤاد محدثي … وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانس … وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

وقد ذكروا لها أحوالا وأعمالا صالحة، وصيام نهار وقيام ليل، ورئيت لها منامات صالحة فالله أعلم. توفيت بالقدس الشريف وقبرها شرقيه بالطور. والله أعلم.

[ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائة]

فيها خرج علي بن عيسى بن ماهان من مرو لحرب أبي الخصيب إلى نسا فقاتله بها، وسبى نساءه وذراريه. واستقامت خراسان. وحج بالناس فيها الرشيد ومعه ابناه محمد الأمين، وعبد الله المأمون، فبلغ جملة ما أعطى لأهل الحرمين ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار، وذلك أنه كان يعطي الناس فيذهبون إلى الأمين فيعطيهم، فيذهبون إلى المأمون فيعطيهم. وكان إلى الأمين ولاية الشام والعراق، وإلى المأمون من همدان إلى بلاد المشرق. ثم تابع الرشيد لولده القاسم من بعد ولديه، ولقبه المؤتمن، وولاه الجزيرة والثغور والعواصم، وكان الباعث له على ذلك أن ابنه القاسم هذا كان في حجر عبد الملك بن صالح، فلما بايع الرشيد لولديه كتب إليه: -

يا أيّها الملك الّذي … لو كان نجما كان سعدا

اعقد لقاسم بيعة … واقدح له في الملك زندا

فالله فرد واحد … فاجعل ولاة العهد فردا

ففعل الرشيد ذلك، وقد حمده قوم على ذلك، وذمه آخرون. ولم ينتظم للقاسم هذا أمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>