أصبحا ثاويين في بطن مرو … ما تغني على الغصون الحمام
كنتما نزهة الكرام فلما … مت مات الندى ومات الكرام
ولما قدم عاصم خراسان أخذ نواب الجنيد بالضرب البليغ وأنواع العقوبات، وعسفهم في المصادرات والجنايات، فخرج عن طاعته الحارث بن شريح فبارزه بالحرب، وجرت بينهما أمور يطول ذكرها، ثم آل الأمر إلى أن انكسر الحارث بن شريح وظهر عاصم عليه. قال الواقدي:
وفيها حج بالناس الوليد بن يزيد وهو ولى الأمر من بعد عمه هشام بن عبد الملك أمير المؤمنين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
[ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائة]
فيها غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى، وسليمان بن هشام الصائفة اليمنى، وهما ابنا أمير المؤمنين هشام. وفيها بعث مروان بن محمد - وهو مروان الحمار - وهو على أرمينية بعثين ففتح حصونا من بلاد اللان، ونزل كثير منهم على الايمان: وفيها عزل هشام عاصم بن عبد الله الهلالي الّذي ولاه في السنة قبلها خراسان مكان الجنيد، فعزله عنها وضمها إلى عبد الله بن خالد القسري مع العراق معادة اليه جريا على ما سبق له من العادة، وكان ذلك عن كتاب عاصم بن عبد الله الهلالي المعزول عنها، وذلك أنه كتب إلى أمير المؤمنين هشام: إن ولاية خراسان لا تصلح إلا مع ولاية العراق، رجاء أن يضيفها إليه، فانعكس الأمر عليه فأجابه هشام إلى ذلك قبولا إلى نصيحته، وأضافها إلى خالد القسري.
[وفيها توفى.]
[قتادة بن دعامة السدوسي]
أبو الخطاب البصري الأعمى، أحد علماء التابعين، والأئمة العاملين، روى عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين، منهم سعيد بن المسيب، والبصري، وأبو العالية، وزرارة بن أوفى، وعطاء ومجاهد، ومحمد بن سيرين، ومسروق، وأبو مجلز وغيرهم، وحدث عنه جماعات من الكبار كأيوب وحماد بن مسلمة، وحميد الطويل، وسعيد بن أبى عروبة، والأعمش، وشعبة، والأوزاعي، ومسعر، ومعمر، وهمام. قال ابن المسيب: ما جاءني عراقي أفضل منه. وقال بكر المزني: ما رأيت أحفظ منه. وقال محمد بن سيرين: هو من أحفظ الناس، وقال مطر: كان قتادة إذا سمع الحديث يأخذه العويل والزويل حتى يحفظه، وقال الزهري: هو أعلم من مكحول. وقال معمر: ما رأيت أفقه من الزهري وحماد وقتادة. وقال قتادة: ما سمعت شيئا إلا وعاه قلبي. وقال أحمد بن حنبل: هو أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئا إلا حفظه. وقرئ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها. وذكر يوما فأثنى على علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير وغير ذلك، وقال أبو حاتم: كانت وفاته بواسط