وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وللَّه الْحَمْدُ تَقَاصَرَ أَمْرُ الطَّاعُونِ جِدًّا وَنَزَلَ دِيوَانُ الْمَوَارِيثِ إِلَى الْعِشْرِينَ وَمَا حَوْلَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَ الْخَمْسَمِائَةٍ فِي أثناء سنة تسع وأربعين، ثم تَقَدَّمَ وَلَكِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّ فِي يوم الأربعاء رابع شهر الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ الْفَقِيهُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الثِّقَةِ هُوَ وَابْنُهُ وَأَخُوهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ بِهَذَا الْمَرَضِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَدُفِنُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ تُوُفِّيَ صَاحِبُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَابِدُ الزَّاهِدُ النَّاسِكُ الْخَاشِعُ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ الصَّائِغِ الشَّافِعِيُّ، مُدَرِّسُ الْعِمَادِيَّةِ كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَدَيْهِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَفِيهِ عِبَادَةٌ كَثِيرَةٌ وَتِلَاوَةٌ وَقِيَامُ لَيْلٍ وَسُكُونٌ حَسَنٌ، وَخُلُقٌ حَسَنٌ، جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثِ صَفَرٍ بَاشَرَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَافِعٍ الْمُحَدِّثُ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ من الفضلاء والقضاة والأعيان، انتهى والله تعالى أعلم.
مَسْكُ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ أَرْغُونَ شَاهْ
وَفِي لَيْلَةِ الْخَمِيسِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مُسِكَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أَرْغُونُ شَاهْ، وَكَانَ قَدِ انْتَقَلَ إِلَى الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ بأهله، فما شعر بوسط اللَّيْلِ إِلَّا وَنَائِبُ طَرَابُلُسَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ ألجى بغا الْمُظَفَّرِيُّ النَّاصِرِيُّ، رَكِبَ إِلَيْهِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْأُلُوفِ وَغَيْرِهِمْ، فَأَحَاطُوا بِهِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَنْ دَخَلَ وَهُوَ مَعَ جَوَارِيهِ نَائِمٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَبَضُوا عَلَيْهِ وَقَيَّدُوهُ وَرَسَمُوا عَلَيْهِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ أَكْثَرُهُمْ لَا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِمَّا وَقَعَ، فَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَاجْتَمَعَتِ الْأَتْرَاكُ إِلَى الْأَمِيرِ سيف الدين ألجى بغا الْمَذْكُورِ، وَنَزَلَ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ، وَاحْتِيطَ عَلَى حَوَاصِلِ أَرْغُونَ شَاهْ، فَبَاتَ عَزِيزًا وَأَصْبَحَ ذَلِيلًا، وَأَمْسَى عَلَيْنَا نَائِبَ السَّلْطَنَةِ فَأَصْبَحَ وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ مَالِكِ الْمُلْكِ يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَهَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ. أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ ٧: ٩٧- ٩٩ ثُمَّ لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَصْبَحَ مَذْبُوحًا فَأُثْبِتَ مَحْضَرٌ بِأَنَّهُ ذَبَحَ نَفْسَهُ فاللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ.
كَائِنَةٌ عَجِيبَةٌ غَرِيبَةٌ جِدًّا
ثُمَّ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ جَيْشِ دِمَشْقَ وبين الأمير سيف الدين ألجى بغا، نَائِبِ طَرَابُلُسَ، الَّذِي جَاءَ فَأَمْسَكَ نَائِبَ دِمَشْقَ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ أَرْغُونَ شَاهْ النَّاصِرِيَّ، لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَقَتَلَهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَقَامَ بالميدان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute