للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأوا ذلك سكن عنهم الضحك، وخافوا دعوته، وأنه دعا على الملأ منهم جملة وعين في دعائه سبعة. وقع في أكثر الروايات تسمية ستة منهم: وهم عتبة، وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبو جهل بن هشام، وعقبة بن أبى معيط، وأمية بن خلف. قال ابن إسحاق: ونسيت السابع. قلت: وهو عمارة بن الوليد وقع تسميته في صحيح البخاري.

قصة الإراشي (١)

قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثنا عبد الملك بن أبى سفيان الثقفي. قال: قدم رجل من إراش بإبل له الى مكة فابتاعها منه أبو جهل بن هشام، فمطله بأثمانها. فاقبل الإراشي حتى وقف على نادي قريش ورسول الله جالس في ناحية المسجد. فقال: يا معشر قريش من رجل يعدينى على أبى الحكم بن هشام فانى غريب وابن سبيل، وقد غلبني على حقي؟ فقال أهل المجلس ترى ذلك - يهزون به (٢) إلى رسول الله لما يعلمون ما بينه وبين أبى جهل من العداوة، اذهب اليه فهو يعديك عليه (٣). فاقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله فذكر ذلك له، فقام معه. فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم اتبعه فانظر ما يصنع؟ فخرج رسول الله حتى جاءه فضرب عليه بابه. فقال: من هذا؟ قال محمد فاخرج! فخرج اليه وما في وجهه قطرة دم، وقد انتقع لونه. فقال: أعط هذا الرجل حقه، قال لا تبرح حتى أعطيه الّذي له. قال فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه اليه، ثم انصرف رسول الله وقال للاراشى الحق لشأنك. فاقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس فقال جزاه الله خيرا، فقد أخذت الّذي لي، وجاء الرجل الّذي بعثوا معه فقالوا ويحك ماذا رأيت؟ قال عجبا من العجب، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه فقال: أعط هذا الرجل حقه. فقال: نعم! لا تبرح حتى أخرج اليه حقه، فدخل فأخرج اليه حقه فأعطاه. ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل فقالوا له ويلك ما لك فو الله ما رأينا مثل ما صنعت؟ فقال:

ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب على بابي وسمعت صوته فملئت رعبا، ثم خرجت اليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فو الله لو أبيت لأكلني.

[فصل]

وقال البخاري حدثنا عياش بن الوليد حدثنا الوليد بن مسلم حدثني الأوزاعي عن يحيى بن أبى


(١) الإراشي نسبة الى إراش بالكسر والشين معجمة موضع حكاه ياقوت.
(٢) هذا نص الحلبية بالزاي المعجمة وفي المصرية: وهم يهرون به بالراء المهملة.
(٣) في الأصلين: يؤديك عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>