رجاء أن يجيب أولئك إلى واحدة مما سألوا، فإنهم كانوا قد طلبوا منه إما أن يعزل نفسه، أو يسلم إليهم مروان بن الحكم، ولم يقع في خلد أحد أن القتل كان في نفس الخارجين. وانقطع عثمان عن المسجد فكان لا يخرج إلا قليلا في أوائل الأمر، ثم انقطع بالكلية في آخره، وكان يصلى بالناس في هذه الأيام الغافقي بن حرب. وقد استمر الحصر أكثر من شهر. وقيل أربعين يوما، حتى كان آخر ذلك أن قتل شهيدا ﵁، على ما سنبينه إن شاء الله تعالى. والّذي ذكره ابن جرير أن الّذي كان يصلى بالناس في هذه المدة وعثمان محصور، طلحة بن عبيد الله. وفي صحيح البخاري عن (١) وروى الواقدي أن عليا صلى أيضا، وصلى أبو أيوب، وصلى بهم سهل بن حنيف، وكان يجمع بهم على، وهو الّذي صلى بهم بعد، وقد خاطب الناس في غبوب ذلك بأشياء، وجرت أمور سنورد منها ما تيسر وبالله المستعان.
قال الامام أحمد: حدثنا بهز ثنا أبو عوانة ثنا حصين عن عمرو بن جاوان قال: قال الأحنف انطلقنا حجاجا فمررنا بالمدينة، فبينا نحن في منزلنا إذ جاءنا آت فقال: الناس في المسجد، فانطلقت أنا وصاحبي، فإذا الناس مجتمعون على نفر في المسجد، قال: فتخللتهم حتى قمت عليهم، فإذا على ابن أبى طالب والزبير وطلحة وسعد بن أبى وقاص، قال: فلم يكن ذلك بأسرع من أن جاء عثمان يمشى، فقال: هاهنا على؟ قالوا: نعم! قال: هاهنا الزبير؟ قالوا نعم! قال: هاهنا طلحة؟ قالوا: نعم! قال هاهنا سعد بن أبى وقاص؟ قالوا: نعم! قال: أنشدكم بالله الّذي لا إله إلا هو، تعلمون أن رسول الله ﷺ قال:«من يبتاع مر بد بنى فلان غفر الله له فابتعته فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: إني قد ابتعته، فقال: «اجعله في مسجدنا وأجره لك» قالوا: نعم! قال: أنشدكم بالله الّذي لا إله إلا هو تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: «من يبتاع بئر رومة» فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت إني قد ابتعتها - يعنى بئر رومة - قال:«اجعلها سقاية للمسلمين ولك أجرها» قالوا:
نعم! قال: أنشدكم بالله الّذي لا إله إلا هو تعلمون أن رسول الله ﷺ نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة فقال: «من يجهز هؤلاء غفر الله له» فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا؟ قالوا:
اللهمّ نعم! فقال: اللهمّ اشهد، اللهمّ اشهد، اللهمّ اشهد، ثم انصرف. ورواه النسائي من حديث حصين وعنده إذ جاء رجل وعليه ملاءة صفراء.
[طريق أخرى]
قال عبد الله بن أحمد: حدثني عبد الله بن عمر القواريري حدثني القاسم بن الحكم بن أوس
(١) بياض بأصل المصرية وفي الرياض النضرة وتاريخ الخميس: وروى عن عبد الله بن سلام أنه قال لما حصر عثمان ولى أبا هريرة على الصلاة.