رسول الله ﷺ دفعه عبد المطلب الى نسوة فكفأن عليه برمة، فلما أصبحن أتين فوجدن البرمة قد انفلقت عنه باثنتين ووجدنه مفتوح العينين شاخصا ببصره الى السماء. فأتاهن عبد المطلب فقلن له ما رأينا مولودا مثله، وجدناه قد انفلقت عنه البرمة، ووجدناه مفتوحا عينيه شاخصا ببصره الى السماء.
فقال احفظنه فانى أرجو أن يكون له شأن، أو أن يصيب خيرا، فلما كان اليوم السابع ذبح عنه ودعا له قريشا فلما أكلوا قالوا يا عبد المطلب أرأيت ابنك هذا الّذي أكرمتنا على وجهه ما سميته؟ قال سميته محمدا، قالوا فما رغبت به عن أسماء أهل بيته؟ قال أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض.
قال أهل اللغة: كل جامع لصفات الخير يسمى محمدا كما قال بعضهم:
إليك - أبيت اللعن - أعملت نافتى … الى الماجد القرم الكريم المحمد
وقال بعض العلماء: ألهمهم الله ﷿ أن سموه محمدا لما فيه من الصفات الحميدة ليلتقى الاسم والفعل، ويتطابق الاسم والمسمى في الصورة والمعنى، كما قال عمه أبو طالب ويروى لحسان:
وشق له من اسمه ليجله … فذو العرش محمود وهذا محمد
وسنذكر أسماءه ﵊ وشمائله وهي صفاته الظاهرة وأخلاقه الطاهرة ودلائل نبوته وفضائل منزلته في آخر السيرة إن شاء الله.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا احمد ابن شيبان الرمليّ حدثنا احمد بن إبراهيم الحبلى حدثنا الهيثم بن جميل حدثنا زهير عن محارب بن دثار عن عمرو بن يثربى عن العباس بن عبد المطلب قال قلت: يا رسول الله! دعاني الى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغى القمر وتشير اليه بإصبعك، فحيث أشرت اليه مال قال:«إني كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء، واسمع وجبته حين يسجد تحت العرش». ثم قال تفرد به الليثي وهو مجهول.
[فصل فيما وقع من الآيات ليلة مولده ﵊]
قد ذكرنا في باب هواتف الجان ما تقدم من خرور كثير من الأصنام ليلتئذ لوجوهها وسقوطها عن أماكنها، وما رآه النجاشي ملك الحبشة، وظهور النور معه حتى أضاءت له قصور الشام حين ولد، وما كان من سقوطه جاثيا رافعا رأسه الى السماء، وانفلاق تلك البرمة عن وجهه الكريم، وما شوهد من النور في المنزل الّذي ولد فيه ودنو النجوم منهم وغير ذلك.
حكى السهيليّ عن تفسير بقي بن مخلد الحافظ أن إبليس رن أربع رنات: حين لعن، وحين أهبط،