فيها سقط بناحية المشرق مطر شديد، معه برد كبار. قال ابن الجوزي: حزرت البردة الواحدة منه مائة وخمسون رطلا، وغاصت في الأرض نحوا من ذراع. وفيها ورد كتاب من محمود ابن سبكتكين أنه أحل بطائفة من أهل الري من الباطنية والروافض قتلا ذريعا، وصلبا شنيعا، وأنه انتهب أموال رئيسهم رستم بن على الديلميّ، فحصل منها ما يقارب ألف ألف دينار، وقد كان في حيازته نحو من خمسين امرأة حرة، وقد ولدن له ثلاثا وثلاثين ولدا بين ذكر وأنثى، وكانوا يرون إباحة ذلك. وفي رجب منها انقض كواكب كثيرة شديدة الضوء شديدة الصوت. وفي شعبان منها كثرت العملات وضعفت رجال المعونة عن مقاومة العيارين. وفي يوم الاثنين منها ثامن عشر رجب غار ماء دجلة حتى لم يبق منه إلا القليل، ووقفت الأرحاء عن الطحن، وتعذر ذلك. وفي هذا اليوم جمع القضاة والعلماء في دار الخلافة، وقرئ عليهم كتاب جمعه القادر بالله، فيه مواعظ وتفاصيل مذاهب أهل البصرة، وفيه الرد على أهل البدع، وتفسيق من قال بخلق القرآن، وصفة ما وقع بين بشر المريسي وعبد العزيز بن يحيى الكتاني من المناظرة، ثم ختم القول بالمواعظ، والقول بالمعروف، والنهى عن المنكر. وأخذ خطوط الحاضرين بالموافقة على ما سمعوه. وفي يوم الإثنين غرة ذي القعدة جمعوا أيضا كلهم وقرئ عليهم كتاب آخر طويل يتضمن بيان السنة والرد على أهل البدع ومناظرة بشر المريسي والكتاني أيضا، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وفضل الصحابة، وذكر فضائل أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب ﵄، ولم يفرغوا منه إلا بعد العتمة، وأخذت خطوطهم بموافقة ما سمعوه. وعزل خطباء الشيعة، وولى خطباء السنة ولله الحمد والمنة على ذلك وغيره.
وجرت فتنة بمسجد براثا، وضربوا الخطيب السنى بالآجر، حتى كسروا أنفه وخلعوا كتفه، فانتصر لهم الخليفة وأهان الشيعة وأذلهم، حتى جاءوا يعتذرون مما صنعوا، وأن ذلك إنما تعاطاه السفهاء منهم. ولم يتمكن أحد من أهل العراق وخراسان في هذه السنة من الحج.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[الحسن بن أبى القين]
أبو على الزاهد، أحد العباد والزهاد وأصحاب الأحوال، دخل عليه بعض الوزراء فقبل يده،