للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّنا إِنَّا كُنَّا من قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) ٢٨: ٥٢- ٥٣ وَقَالَ تَعَالَى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٢: ١٤٦ وَقَالَ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا ١٧: ١٠٧- ١٠٨ أي ان كان وعدنا ربنا بوجود محمد وإرساله لكائن لا محالة فسبحان القدير على ما يشاء لا يعجزه شيء. وقال تعالى اخبارا عن القسيسين والرهبان وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ من الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا من الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ ٥: ٨٣ وَفِي قِصَّةِ النَّجَاشِيِّ وَسَلْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَغَيْرِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ لِهَذَا الْمَعْنَى وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَذَكَرْنَا فِي تَضَاعِيفِ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مَا تَقَدَّمُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ وَصْفِهِمْ لِبِعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْتِهِ وَبَلَدِ مَوْلِدِهِ وَدَارِ مُهَاجَرِهِ وَنَعْتِ أمته في قصة موسى وشعيا وأرمياء وَدَانْيَالَ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ آخر أنبياء بنى إسرائيل وخاتمهم عيسى بن مَرْيَمَ أَنَّهُ قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ خَطِيبًا قَائِلًا لَهُمْ (إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ٦١: ٦. وفي الإنجيل البشارة بالفارقليط والمراد مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عبد الجبار عن يونس بن بُكَيْرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَكْتُوبٌ في الإنجيل لافظ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ» وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا فَيْضٌ الْبَجَلِيُّ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ مقاتل ابن حَيَّانَ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى عِيسَى بن مَرْيَمَ جُدَّ فِي أَمْرِي وَاسْمَعْ وَأَطِعْ يَا ابْنَ الطَّاهِرَةِ الْبِكْرِ الْبَتُولِ- أَنَا خَلَقْتُكَ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ فَجَعَلْتُكَ آيَةً لِلْعَالَمِينَ فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ فَبَيِّنْ لِأَهْلِ سُورَانَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، بَلِّغْ مَنْ بَيْنِ يَدَيْكَ أَنِّي أَنَا الْحَقُّ الْقَائِمُ الَّذِي لَا أَزُولُ صَدِّقُوا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ صَاحِبِ الْجَمَلِ وَالْمِدْرَعَةِ وَالْعِمَامَةِ- وَهِيَ التَّاجُ- وَالنَّعْلَيْنِ وَالْهِرَاوَةِ- وَهِيَ الْقَضِيبُ- الْجَعْدُ الرَّأْسِ الصَّلْتُ الْجَبِينِ الْمَقْرُونُ الْحَاجِبَيْنِ الْأَنْجَلُ الْعَيْنَيْنِ الْأَهْدَبُ الْأَشْفَارِ الْأَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ الْأَقْنَى الْأَنْفِ الْوَاضِحُ الْخَدَّيْنِ الْكَثُّ اللِّحْيَةِ عَرَقُهُ فِي وَجْهِهِ كَاللُّؤْلُؤِ رِيحُ الْمِسْكِ يَنْضَحُ مِنْهُ كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ وَكَأَنَّ الذَّهَبَ يَجْرِي فِي تَرَاقِيهِ لَهُ شَعَرَاتٌ مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ تَجْرِي كَالْقَضِيبِ لَيْسَ فِي بَطْنِهِ شَعْرٌ غَيْرُهُ شَثْنُ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ إِذَا جَاءَ مَعَ النَّاسِ غَمَرَهُمْ وَإِذَا مَشَى كَأَنَّمَا ينقلع مِنَ الصَّخْرِ وَيَتَحَدَّرُ مِنْ صَبَبٍ ذُو النَّسْلِ الْقَلِيلِ- وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الذُّكُورَ مِنْ صُلْبِهِ- هَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ طَرِيقِ يعقوب بن سفيان. وروى البيهقي عن عثمان بْنِ الْحَكَمِ بْنِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ حَدَّثَنِي بَعْضُ عُمُومَتِي وَآبَائِي أَنَّهُمْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ وَرَقَةٌ يَتَوَارَثُونَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وبقيت عِنْدَهُمْ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ذكر وهاله وَأَتَوْهُ بِهَا مَكْتُوبٌ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ وَقَوْلُ الظَّالِمِينَ فِي تَبَابٍ. هَذَا الذِّكْرُ لأمة تأتى في آخر الزمان ليبلون اطرافهم ويوترون على

<<  <  ج: ص:  >  >>