جعفر ابن أمير المؤمنين المنصور ودفن أولا بمقابر بنى هاشم من بغداد، ثم نقل منها إلى موضع آخر.
وفيها توفى عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح أحد أئمة أهل الحجاز، ويقال إنه أول من جمع السنن. وعثمان بن الأسود، وعمر بن محمد بن زيد. وفيها توفى الامام أبو حنيفة.
[ذكر ترجمته]
هو الامام أبو حنيفة واسمه النعمان بن ثابت التيمي مولاهم الكوفي، فقيه العراق، وأحد أئمة الإسلام، والسادة الأعلام، وأحد أركان العلماء، وأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتنوعة، وهو أقدمهم وفاة، لأنه أدرك عصر الصحابة، ورأى أنس بن مالك، قيل وغيره. وذكر بعضهم أنه روى عن سبعة من الصحابة فالله أعلم.
وروى عن جماعة من التابعين منهم الحكم وحماد بن أبى سليمان، وسلمة بن كهيل، وعامر الشعبي، وعكرمة، وعطاء، وقتادة، والزهري، ونافع مولى ابن عمر، ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبو إسحاق السبيعي. وروى عنه جماعة منهم ابنه حماد وإبراهيم بن طهمان، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وأسد بن عمرو القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وحمزة الزيات، وداود الطائي، وزفر، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسن الشيباني، وهشيم، ووكيع، وأبو يوسف القاضي. قال يحيى بن معين: كان ثقة، وكان من أهل الصدق ولم يتهم بالكذب، ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء فأبى أن يكون قاضيا. وقد كان يحيى بن سعيد يختار قوله في الفتوى، وكان يحيى يقول:
لا نكذب الله! ما سمعنا أحسن من رأى أبى حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله. وقال عبد الله بن المبارك: لولا أن الله أعاننى بأبي حنيفة وسفيان الثوري لكنت كسائر الناس. وقال في الشافعيّ:
رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته: وقال الشافعيّ: من أراد الفقه فهو عيال على أبى حنيفة، ومن أراد السير فهو عيال على محمد بن إسحاق، ومن أراد الحديث فهو عيال على مالك، ومن أراد التفسير فهو عيال على مقاتل بن سليمان. وقال عبد الله بن داود الحريبى:
ينبغي للناس أن يدعوا في صلاتهم لأبى حنيفة، لحفظه الفقه والسنن عليهم. وقال سفيان الثوري وابن المبارك: كان أبو حنيفة أفقه أهل الأرض في زمانه. وقال أبو نعيم: كان صاحب غوص في المسائل. وقال مكي بن إبراهيم: كان أعلم أهل الأرض. وروى الخطيب بسنده عن أسد بن عمرو أن أبا حنيفة كان يصلى بالليل ويقرأ القرآن في كل ليلة، ويبكى حتى يرحمه جيرانه. ومكث أربعين سنة يصلى الصبح بوضوء العشاء، وختم القرآن في الموضع الّذي توفى فيه سبعين ألف مرة، وكانت وفاته في رجب من هذه السنة - أعنى سنة خمسين ومائة - وعن ابن معين سنة إحدى وخمسين.