للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شيخنا العالم العلامة برهان الدين الفزاري]

هو الشيخ الامام العالم العلامة شيخ المذهب وعلمه ومفيد أهله، شيخ الإسلام مفتى الفرق بقية السلف برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ العلامة تاج الدين أبى محمد عبد الرحمن ابن الشيخ الامام المقري المفتى برهان الدين أبى إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري المصري الشافعيّ، ولد في ربيع الأول سنة ستين وستمائة، وسمع الحديث واشتغل على أبيه وأعاد في حلقته وبرع وساد أقرانه، وسائر أهل زمانه من أهل مذهبه في دراية المذهب ونقله وتحريره، ثم كان في منصب أبيه في التدريس بالبادرائية، وأشغل الطلبة بالجامع الأموي فانتفع به المسلمون، وقد عرضت عليه المناصب الكبار فأباها، فمن ذلك أنه باشر الخطابة بعد عمه العلامة شرف الدين مدة ثم تركها وعاد إلى البادرائية، وعرض عليه قضاء قضاة الشام بعد ابن صصريّ وألح نائب الشام عليه بنفسه وأعوانه من الدولة فلم يقبل، وصمم وامتنع أشد الامتناع، وكان مقبلا على شأنه عارفا بزمانه مستغرقا أوقاته في الاشتغال والعبادة ليلا ونهارا، كثير المطالعة وإسماع الحديث، وقد سمعنا عليه صحيح مسلم وغيره، وكان يدرس بالمدرسة المذكورة، وله تعليق كثير على التنبيه، فيه من الفوائد ما ليس يوجد في غيره، وله تعليق على مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه، وله مصنفات في غير ذلك كبار. وبالجملة فلم أر شافعيا من مشايخنا مثله، وكان حسن الشكل عليه البهاء والجلالة والوقار، حسن الأخلاق، فيه حدة ثم يعود قريبا، وكرمه زائد وإحسانه إلى الطلبة كثير، وكان لا يقتنى شيئا ويصرف مرتبه وجامكية مدرسته في مصالحه، وقد درس بالبادرائية من سنة سبعين وستمائة إلى عامه هذا، توفى بكرة يوم الجمعة سابع جمادى الاولى بالمدرسة المذكورة، وصلى عليه عقب الجمعة بالجامع وحملت جنازته على الرءوس وأطراف الأنامل، وكانت حافلة، ودفن عند أبيه وعمه وذويه بباب الصغير رحمه الله تعالى.

[الشيخ الامام العالم الزاهد الورع]

مجد الدين إسماعيل الحراني الحنبلي، ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة، وقرأ القراءات وسمع الحديث في دمشق حين انتقل مع أهله اليها سنة إحدى وسبعين، واشتغل على الشيخ شمس الدين بن أبى عمر، ولازمه وانتفع به، وبرع في الفقه وصحة النقل وكثرة الصمت عما لا يعنيه، ولم يزل مواظبا على جهاته ووظائفه لا ينقطع عنها إلا من عذر شرعي، إلى أن توفى ليلة الأحد تاسع جمادى الأولى ودفن بباب الصغير رحمه الله تعالى.

[وفي هذا الحين توفى. الصاحب شرف الدين يعقوب بن عبد الله]

الّذي كان ناظر الدواوين بحلب، ثم انتقل إلى نظرها بطرابلس. توفى بحماة، وكان محبا للعلماء وأهل الخير، وفيه كرم وإحسان، وهو والد القاضي ناصر الدين كاتب السر بدمشق، وقاضى العساكر

<<  <  ج: ص:  >  >>