ليحمى له داره، وهو الّذي بنى المسجد المعروف به ببغداد، وقد ختم فيه القرآن ألوف من الناس، وكان لا يفارق زي التجار. وكانت وفاته في عاشر ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في التربة المجاورة لتربة القزويني، ﵀ وإيانا آمين.
[ثم دخلت سنة سبع وسبعين وأربعمائة]
فيها كانت الحرب بين فخر الدولة بن جهير وزير الخليفة وبين ابن مروان صاحب ديار بكر، فاستولى ابن جهير على ملك العرب وسبى حريمهم وأخذ البلاد ومعه سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس بن على بن مزيد الأسدي، فافتدى خلقا من العرب فشكره الناس على ذلك، وامتدحه الشعراء. وفيها بعث السلطان عميد الدولة ابن جهير في عسكر كثيف ومعه قسيم الدولة آقسنقر جد بنى أتابك ملوك الشام والموصل، فسارا إلى الموصل فملكوها. وفي شعبان منها ملك سليمان بن قتلمش أنطاكية، فأراد شرف الدولة مسلم بن قريش أن يستنقذها منه، فهزمه سليمان وقتله، وكان مسلم هذا من خيار الملوك سيرة، له في كل قرية وال وقاض وصاحب خبر، وكان يملك من السندية إلى منبج.
وولى بعده أخوه إبراهيم بن قريش، وكان مسجونا من سنين فأطلق وملك. وفيها ولد السلطان سنجر بن ملك شاه في العشرين من رجب بسنجار. وفيها عصى تكش أخو السلطان فأخذه السلطان فسمله وسجنه. وحج بالناس في هذه السنة الأمير جماز بكير الحسنانى، وذلك لشكوى الناس من شدة سير جنفل بهم، وأخذ المكوسات منهم، سافر مرة من الكوفة إلى مكة في سبعة عشر يوما.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[أحمد بن محمد بن دوبست]
أبو سعد النيسابورىّ، شيخ الصوفية، له رباط بمدينة نيسابور يدخل من بابه الجمل براكبه، وحج مرات على التجريد على البحرين، حين انقطعت طريق مكة، وكان يأخذ جماعة من الفقراء ويتوصل من قبائل العرب حتى يأتى مكة، توفى في هذه السنة وقد جاوز التسعين، ﵀ وإيانا، وأوصى أن يخلفه ولده إسماعيل فأجلس في مشيخة الرباط.
[ابن الصباغ]
صاحب الشامل، عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن جعفر، الامام أبو نصر ابن الصباغ، ولد سنة أربعمائة، وتفقه ببغداد على أبى الطيب الطبري حتى فاق الشافعية بالعراق، وصنف المصنفات المفيدة، منها الشامل في المذهب، وهو أول من درس بالنظاميّة، توفى في هذه السنة ودفن بداره في الكرخ، ثم نقل إلى باب حرب ﵀، قال ابن خلكان: كان فقيه العراقين، وكان يضاهى أبا إسحاق، وكان ابن الصباغ أعلم منه بالمذهب، وإليه الرحلة فيه، وقد صنف الشامل في الفقه والعمدة في أصول الفقه، وتولى تدريس النظامية أولا، ثم عزل بعد عشرين