للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

ثم

ذكر ابن إسحاق من أسلم من أحبار اليهود على سبيل التقية فكانوا كفارا في الباطن فاتبعهم بصنف المنافقين وهم من شرهم، سعد بن حنيف، وزيد بن اللصيت، وهو الّذي قال حين ضلت ناقة رسول الله يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدرى أين ناقته؟ فقال رسول الله والله لا أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها فهي في هذا الشعب قد حبستها شجرة بزمامها» فذهب رجال من المسلمين فوجدوها كذلك. قال ونعمان بن أوفى، وعثمان بن أوفى،

ورافع بن حريملة، وهو الّذي قال فيه رسول الله يوم مات - فيما بلغنا -: «قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين»

ورفاعة بن زيد بن التابوت، وهو الّذي هبت الريح الشديدة يوم موته عند مرجع رسول الله من تبوك فقال: «إنها هبت لموت عظيم من عظماء الكفار» فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة قد مات في ذلك اليوم وسلسلة بن برهام وكنانة بن صوريا. فهؤلاء ممن أسلم من منافقي اليهود قال فكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد ويسمعون أحاديث المسلمين ويسخرون ويستهزءون بدينهم، فاجتمع في المسجد يوما منهم أناس فرآهم رسول الله يتحدثون بينهم خافضى أصواتهم قد لصق بعضهم إلى بعض، فأمر بهم رسول الله فأخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا، فقام أبو أيوب إلى عمرو ابن قيس أحد بنى النجار - وكان صاحب آلهتهم في الجاهلية - فاخذ برجله فسحبه حتى أخرجه وهو يقول - لعنه الله - أتخرجين يا أبا أيوب من مربد بنى ثعلبة؟ ثم أقبل أبو أيوب إلى رافع بن وديعة النجاري فلببه بردائه، ثم نتره نترا شديدا (١) ولطم وجهه فأخرجه من المسجد وهو يقول: أف لك منافقا خبيثا. وقام عمارة بن حزم إلى زيد بن عمرو - وكان طويل اللحية - فاخذ بلحيته وقاده بها قودا عنيفا حتى أخرجه من المسجد، ثم جمع عمارة يديه جميعا فلدمه بهما لدمة (٢) في صدره خر منها قال يقول: خدشتنى يا عمارة، فقال عمارة: أبعدك الله يا منافق، فما أعد الله لك من العذاب أشد من ذلك فلا تقربن مسجد رسول الله وقام أبو محمد مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار - وكان بدريا - إلى قيس بن عمرو بن سهل وكان شابا - وليس في المنافقين شاب سواه - فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه. وقام رجل من بنى خدرة (٣) إلى رجل يقال له الحارث بن عمرو - وكان ذا جمة - فاخذ بجمته فسحبه بها سحبا عنيفا على ما مر به من الأرض حتى أخرجه، فجعل يقول المنافق: قد أغلظت يا أبا الحارث، فقال: إنك أهل لذلك أي عدو الله


(١) النتر: جذب فيه قوة وجفوة عن النهاية.
(٢) أي ضربه ودفعه، واللدم الضرب ببطن الكف.
(٣) كذا في الأصلين، وفي ابن هشام. من بلخدرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>