للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرشيد، والمسترشد والمقتفى ولدا المستظهر، وأما ثلاثة فالأمين والمأمون والمعتصم أولاد الرشيد، والمنتصر والمعتز والمطيع أولاد المقتدر، وأما أربعة فأولاد عبد الملك بن مروان الوليد وسليمان ويزيد وهشام. وكانت مدة خلافته إلى أن فقد كما سيأتي خمسة أشهر وعشرين يوما، أقصر مدة من جميع خلفاء بنى العباس، وأما بنو أمية فكانت مدة خلافة معاوية بن يزيد بن معاوية أربعين يوما، وإبراهيم بن يزيد الناقص سبعين يوما، وأخوه يزيد بن الوليد خمسة أشهر. وكانت مدة خلافة الحسن بن على بعد أبيه سبعة أشهر وأحد عشر يوما. وكانت مدة مروان بن الحكم تسعة أشهر وعشرة أيام، وكان في خلفاء بنى العباس من لم يستكمل سنة منهم المنتصر بن المتوكل ستة أشهر، والمهتدي بن الواثق أحد عشر شهرا وأياما، وقد أنزل الخليفة هذا بقلعة الجبل في برج هو وحشمه، فلما كان يوم سابع رجب ركب في السواد وجاء إلى الجامع بالقلعة فصعد المنبر وخطب خطبة ذكر فيها شرف بنى العباس، ثم استفتح فقرأ صدرا من سورة الأنعام ثم صلى على النبي ثم ترضى عن الصحابة ودعا للسلطان الظاهر، ثم نزل فصلى بالناس فاستحسنوا ذلك منه، وكان وقتا حسنا ويوما مشهودا.

[تولية الخليفة المستنصر بالله للملك الظاهر السلطنة]

لما كان يوم الاثنين الرابع من شعبان، ركب الخليفة والسلطان والوزير والقضاة والأمراء وأهل الحل والعقد إلى خيمة عظيمة قد ضربت ظاهر القاهرة فجلسوا فيها، فألبس الخليفة السلطان بيده خلعة سوداء، وطوقا في عنقه، وقيدا في رجليه وهما من ذهب، وصعد فخر الدين إبراهيم بن لقمان وهو رئيس الكتاب منبرا فقرأ على الناس تقليد السلطان، وهو من إنشائه وبخط نفسه، ثم ركب السلطان بهذه الأبهة والقيد في رجليه، والطوق في عنقه، والوزير بين يديه، وعلى رأسه التقليد والأمراء والدولة في خدمته مشاة سوى الوزير، فشق القاهرة وقد زينت له، وكان يوما مشهودا، وقد ذكر الشيخ قطب الدين هذا التقليد بتمامه، وهو مطول والله أعلم.

[ذكر ذهاب الخليفة إلى بغداد]

ثم إن الخليفة طلب من السلطان أن يجهزه إلى بغداد، فرتب السلطان له جندا هائلة وأقام له من كل ما ينبغي للخلفاء والملوك. ثم سار السلطان صحبته قاصدين دمشق، وكان سبب خروج السلطان من مصر إلى الشام، أن التركي كما تقدم كان قد استحوذ على حلب، فأرسل إليه الأمير علم الدين سنجر الحلبي الّذي كان قد تغلب على دمشق فطرده عن حلب وتسلمها، وأقام بها نائبا عن السلطان، ثم لم يزل التركي حتى استعادها منه وأخرجه منها هاربا، فاستناب الظاهر على مصر عز الدين أيد مر الحلبي وجعل تدبير المملكة إلى الوزير بهاء الدين بن الحنا، وأخذ ولده فخر الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>