للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال «يا عمار هل عرفت القوم؟» قال قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون قال «هل تدري ما أرادوا؟» قال الله ورسوله أعلم، قال «أرادوا أن ينفروا برسول الله فيطرحوه» قال فسارّ عمار رجلا من أصحاب النبي فقال: نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ قال أربعة عشر رجلا، فقال إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، قال فعذر رسول الله منهم ثلاثة قالوا ما سمعنا منادى رسول الله وما علمنا ما أراد القوم. فقال عمار: أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد.

[قصة مسجد الضرار]

قال الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ، * لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ، * لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ وقد تكلمنا على تفسير ما يتعلق بهذه الآيات الكريمة في كتابنا التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد. وذكر ابن إسحاق كيفية بناء هذا المسجد الظالم أهله وكيفية أمر رسول الله بخرابه مرجعه من تبوك قبل دخوله المدينة، ومضمون ذلك أن طائفة من المنافقين بنوا صورة مسجد قريبا من مسجد قباء وأرادوا أن يصلى لهم رسول فيه حتى بروج لهم ما أرادوه من الفساد والكفر والعناد، فعصم الله رسوله من الصلاة فيه وذلك أنه كان على جناح سفر إلى تبوك، فلما رجع منها فنزل بذي أوان - مكان بينه وبين المدينة ساعة - نزل عليه الوحي في شأن هذا المسجد وهو قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ الآية. أما قوله ضرارا فلأنهم أرادوا مضاهاة مسجد قباء، وكفرا بالله لا للايمان به، وتفريقا للجماعة عن مسجد قباء وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وهو أبو عامر الراهب الفاسق قبحه الله وذلك أنه لما دعاه رسول الله إلى الإسلام فأبى عليه، ذهب إلى مكة فاستنفرهم. فجاءوا عام أحد فكان من أمرهم ما قدمناه، فلما لم ينهض أمره ذهب إلى ملك الروم قيصر ليستنصره على رسول الله وكان أبو عامر على دين هرقل ممن تنصر معهم من العرب وكان يكتب إلى إخوانه الذين نافقوا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، فكانت مكاتباته ورسله تفد اليهم كل حين. فبنوا هذا المسجد في الصورة الظاهرة وباطنه دار حرب ومقر لمن

<<  <  ج: ص:  >  >>