هذا الرجل كان قد طعن راحلة زينب بنت النبي ﷺ يوم خرجت من مكة حتى أسقطت، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه، وقتل بأجنادين ﵁ * هبار بن سفيان بن عبد الأسود المخزومي ابن أخى أم سلمة. أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة واستشهد يوم أجنادين على الصحيح، وقيل قتل يوم مؤتة والله أعلم *
هشام بن العاص بن وائل السهمي أخو عمرو بن العاص. روى الترمذي أن رسول الله ﷺ قال «ابنا العاص مؤمنان» وقد أسلم هشام قبل عمرو، وهاجر إلى الحبشة، فلما رجع منها احتبس بمكة. ثم هاجر بعد الخندق، وقد أرسله الصديق إلى ملك الروم، وكان من الفرسان.
وقتل بأجنادين، وقيل باليرموك، والأول أصح والله أعلم * أبو بكر الصديق ﵁ تقدم وله ترجمة مفردة ولله الحمد.
سنة أربع عشرة من الهجرة النبويّة
استهلت هذه السنة والخليفة عمر بن الخطاب يحث الناس ويحرضهم على جهاد أهل العراق، وذلك لما بلغه من قتل أبى عبيد يوم الجسر، وانتظام شمل الفرس، واجتماع أمرهم على يزدجرد الّذي أقاموه من بيت الملك، ونقض أهل الذمة بالعراق عهودهم، ونبذهم المواثيق التي كانت عليهم، وآذوا المسلمين وأخرجوا العمال من بين أظهرهم. وقد كتب عمر إلى من هنالك من الجيش أن يتبرزوا من بين أظهرهم إلى أطراف البلاد. قال ابن جرير ﵀. وركب عمر ﵁ في أول يوم من المحرم هذه السنة في الجيوش من المدينة فنزل على ماء يقال له صرار، فعسكر به عازما على غزو العراق بنفسه واستخلف على المدينة على بن أبى طالب، واستصحب معه عثمان بن عفان وسادات الصحابة.
ثم عقد مجلسا لاستشارة الصحابة فيما عزم عليه، ونودي ان الصلاة جامعة، وقد أرسل إلى على فقدم من المدينة، ثم استشارهم فكلهم وافقوه على الذهاب إلى العراق، إلا عبد الرحمن بن عوف فإنه قال له:
إني أخشى إن كسرت أن تضعف المسلمون في سائر أقطار الأرض، وإني أرى أن تبعث رجلا وترجع أنت إلى المدينة. فارثا (١) عمرو الناس عند ذلك واستصوبوا رأى ابن عوف. فقال عمر فمن ترى أن نبعث إلى العراق؟ فقال: قد وجدته. قال ومن هو؟ قال الأسد في براثنه سعد بن مالك الزهري.
فاستجاد قوله وأرسل إلى سعد فأمره على العراق وأوصاه فقال: يا سعد بن وهيب لا يغرنك من الله أن قيل خال رسول الله ﷺ وصاحبه، فإن الله لا يمحو السيّئ بالسيئ، ولكن يمحو السيّئ بالحسن، وإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الّذي رأيت
(١) كذا في الحلبية (بالثاء) وفي المصرية هكذا: فارقا. ولعلها فارفأ بمعنى جنح كما يفهم من النهاية والقاموس.