للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الا امرأة واحدة منهن جاءت بشق إنسان فقال النبي والّذي نفسي بيده لو استثنى فقال إن شاء الله لولد له ما قال فرسان ولجاهدوا في سبيل الله ﷿. وهذا اسناد ضعيف لحال إسحاق بن بشر فإنه منكر الحديث ولا سيما وقد خالف الروايات الصحاح. وقد كان له من أمور الملك واتساع الدولة وكثرة الجنود وتنوعها ما لم يكن لأحد قبله ولا يعطيه الله أحدا بعده كما قال ﴿وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ و ﴿قالَ رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ﴾ وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق. ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليه واسداه من النعم الكاملة العظيمة اليه قال ﴿هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ أي أعط من شئت وأحرم من شئت فلا حساب عليك أي تصرف في المال كيف شئت فان الله قد سوغ لك كلما تفعله من ذلك ولا يحاسبك على ذلك وهذا شان النبي الملك بخلاف العبد الرسول فان من شأنه أن لا يعطى أحدا ولا يمنع أحدا إلا باذن الله له في ذلك وقد خير نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه بين هذين المقامين فاختار أن يكون عبدا رسولا. وفي بعض الروايات أنه استشار جبريل في ذلك فاشار اليه أن تواضع فاختار أن يكون عبدا رسولا صلوات الله وسلامه عليه وقد جعل الله الخلافة والملك من بعده في أمته الى يوم القيامة فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة فلله الحمد والمنة.

ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان من خير الدنيا نبه على ما أعده له في الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل والقربة التي تقربه اليه والفوز العظيم والاكرام بين يديه وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾.

[ذكر وفاته وكم كانت مدة ملكه وحياته]

قال الله ﴿فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ﴾.

روى ابن جرير وابن أبى حاتم وغيرهما من حديث إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي قال كان سليمان نبي الله إذا صلّى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها ما اسمك فتقول كذا فيقول لاى شيء أنت فان كانت لغرس غرست وان كانت لدواء أنبتت فبينما هو يصلى ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها ما اسمك قالت الخروب قال لاى شيء أنت قالت الخراب هذا البيت فقال سليمان اللهمّ عم على الجن موتى حتى تعلم الانس أن الجن لا يعلمون الغيب فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا والجن تعمل فأكلتها الارضة فتبينت الانس أن الجن ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا﴾ حولا ﴿فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ﴾. قال وكان ابن عباس يقرؤها كذلك قال فشكرت الجن للارضة فكانت تأتيها بالماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>