للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تساقطت أيضا لمولده الكريم، وهذا أبلغ وأقوى في المعجز من مباشرة كسرها، وقد تقدم أن نار فارس التي كانوا يعبدونها خمدت أيضا ليلتئذ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وأنه سقط من شرفات قصر كسرى أربع عشر شرفة، مؤذنة بزوال دولتهم بعد هلاك أربعة عشر من ملوكهم في أقصر مدة، وكان لهم في الملك قريب من ثلاثة آلاف سنة، وأما إحياء الطيور الأربعة لإبراهيم ، فلم يذكره أبو نعيم ولا ابن حامد، وسيأتي في إحياء الموتى على يد عيسى ما وقع من المعجزات المحمدية من هذا النمط ما هو مثل ذلك كما سيأتي التنبيه عليه إذا انتهينا إليه، من إحياء أموات بدعوات أمته، وحنين الجذع، وتسليم الحجر والشجر والمدر عليه، وتكليم الذراع له وغير ذلك * وأما قوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ والآيات بعدها، فقد قال الله تعالى: ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وقد ذكر ذلك ابن حامد فيما وقفت عليه بعد، وقد ذكرنا في أحاديث الأسراء من كتابنا هذا، ومن التفسير ما شاهده رسول الله ليلة أسرى به من الآيات فيما بين مكة إلى بيت المقدس، وفيما بين ذلك إلى سماء الدنيا، ثم عاين من الآيات في السموات السبع وما فوق ذلك، وسدرة المنتهى، وجنة المأوى، والنار التي هي بئس المصير والمثوى، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام في حديث المنام - وقد رواه أحمد والترمذي وصححه، وغيرهما - فتجلى لي كل شيء وعرفت * وذكر ابن حامد في مقابلة ابتلاء الله يعقوب بفقده ولده يوسف وصبره واستعانته ربه ﷿، موت إبراهيم بن رسول الله ، وصبره عليه،

وقوله: تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون * قلت: وقد مات بناته الثلاثة: رقية، وأم كلثوم، وزينب، وقتل عمه الحمزة، أسد الله وأسد رسوله يوم أحد، فصبر واحتسب * وذكر في مقابلة حسن يوسف ما ذكر من جمال رسول الله ، ومهابته وحلاوته شكلا ونفعا وهديا، ودلا، ويمنا، كما تقدم في شمائله من الأحاديث الدالة على ذلك، كما قالت الربيع بنت مسعود:

لو رأيته لرأيت الشمس طالعة * وذكر في مقابلة ما ابتلى به يوسف من الفرقة والغربة، هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة، ومفارقته وطنه وأهله وأصحابه الذين كانوا بها *

[القول فيما أوتى موسى من الآيات البينات]

وأعظمهن تسع آيات كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ﴾ وقد شرحناها في التفسير، وحكينا قول السلف فيها، واختلافهم فيها، وأن الجمهور على أنها هي العصا في انقلابها حية تسعى، واليد، إذا أدخل يده في جيب درعه أخرجها تضيء كقطعة قمر يتلألأ إضاءة، ودعاؤه على

<<  <  ج: ص:  >  >>