للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمسك بدين الإسلام إلا الصديق ، وسيأتي إرساله إليهم من يمهد الأمور التي اضطربت في بلادهم ويقوى أيدي المسلمين، ويثبت أركان دعائم الإسلام فيهم، *

[فصل في تصدى الصديق لقتال أهل الردة ومانعي الزكاة]

قد تقدم أن رسول الله لما توفى ارتدت أحياء كثيرة من الأعراب، ونجم النفاق بالمدينة وانحاز إلى مسيلمة الكذاب بنو حنيفة وخلق كثير باليمامة، والتفت على طليحة الأسدي بنو أسد وطيِّئ، وبشر كثير أيضا، وادعى النبوة أيضا كما ادعاها مسيلمة الكذاب، وعظم الخطب واشتدت الحال، ونفذ الصديق جيش أسامة، فقل الجند عند الصديق، فطمعت كثير من الأعراب في المدينة وراموا أن يهجموا عليها، فجعل الصديق على أنقاب المدينة حراسا يبيتون بالجيوش حولها، فمن أمراء الحرس على بن أبى طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبد الله، وسعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وجعلت وفود العرب تقدم المدينة. يقرون بالصلاة ويمتنعون من أداء الزكاة، ومنهم من امتنع من دفعها إلى الصديق، وذكر أن منهم من احتج بقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ قالوا: فلسنا ندفع زكاتنا الا إلى من صلاته سكن لنا، وأنشد بعضهم:

أطعنا رسول الله إذ كان بيننا … فوا عجبا ما بال ملك أبى بكر

وقد تكلم الصحابة مع الصديق في أن يتركهم وما هم عليه من منع الزكاة ويتألفهم حتى يتمكن الايمان في قلوبهم: ثم هم بعد ذلك يزكون، فامتنع الصديق من ذلك وأباه *

وقد روى الجماعة في كتبهم سوى ابن ماجة عن أبى هريرة أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: علام تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها؟ فقال أبو بكر: والله لو منعونى عناقا، وفي رواية: عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لأقاتلنهم على منعها، إن الزكاة حق المال، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، قال عمر: فما هو الا أن رأيت الله قد شرح صدر أبى بكر للقتال، فعرفت أنه الحق * قلت: وقد قال الله تعالى ﴿فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ وثبت في الصحيحين: بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان * وقد روى الحافظ ابن عساكر من طريقين عن شبابة ابن سوار: ثنا عيسى بن يزيد المديني، حدثني صالح بن كيسان، قال: لما كانت الردة قام أبو بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>