استهلت بيوم الأحد في كانون الأصم، والحكام هم المذكورون في التي قبلها، غير أن والى البر بدمشق هو الأمير علاء الدين على بن الحسن المرواني، باشرها في صفر من السنة الماضية. وفي صفر من هذه السنة باشر ولاية المدينة الأمير شهاب الدين بن برق عوضا عن صارم الدين الجوكندارى وفي صفر عوفي القاضي كريم الدين وكيل السلطان من مرض كان قد أصابه، فزينت القاهرة وأشعلت الشموع وجمع الفقراء بالمارستان المنصوري ليأخذوا من صدقته، فمات بعضهم من الزحام في سلخ ربيع الأول، ودرس الامام العلامة المحدث تقى الدين السبكى الشافعيّ بالمنصورية بالقاهرة عوضا عن القاضي جمال الدين الزرعى، بمقتضى انتقاله إلى دمشق، وحضر عنده علاء الدين شيخ الشيوخ القونوي الشافعيّ عوضا عن النجم ابن صصريّ، في يوم الجمعة رابع جمادى الأولى، فنزل العادلية وقد قدم على القضاة ومشيخة الشيوخ وقضاء العساكر وتدريس العادلية والغزالية والأتابكية.
وفي يوم الأحد مسك القاضي كريم الدين بن عبد الكريم بن هبة الله بن الشديد وكيل السلطان وكان قد بلغ من المنزلة والمكانة عند السلطان ما لم يصل إليه غيره من الوزراء الكبار، واحتيط على أمواله وحواصله، ورسم عليه عند نائب السلطنة، ثم رسم له أن يكون بتربته التي بالقرافة، ثم نفى إلى الشوبك وأنعم عليه بشيء من المال، ثم أذن له بالإقامة بالقدس الشريف برباطه. ومسك ابن أخيه كريم الدين الصغير ناظر الدواوين، وأخذت أمواله وحبس في البرج، وفرح العامة بذلك ودعوا للسلطان بسبب مسكهما، ثم أخرج إلى صفت. وطلب من القدس أمين الملك عبد الله فولى الوزارة بمصر، وخلع عليه عودا على بدء، وفرح العامة بذلك وأشعلوا له الشموع، وطلب الصاحب بدر الدين غبريال من دمشق فركب ومعه أموال كثيرة، ثم خول أموال كريم الدين الكبير، وعاد إلى دمشق مكرما، وقدم القاضي معين الدين بن الحشيشى على نظر الجيوش الشامية عوضا عن القطب بن شيخ السلامية عزل عنها، ورسم عليه في العذراوية نحوا من عشرين يوما ثم أذن له في الانصراف إلى منزله مصروفا عنها.
وفي جمادى الأولى عزل طرقشى عن شد الدواوين وتولاها الأمير بكتمر. وفي ثانى جمادى الآخرة باشر ابن جهبل نيابة الحكم عن الزرعى، وكان قد باشر قبلها بأيام نظر الأيتام عوضا عن ابن هلال. وفي شعبان أعيد الطرقشى إلى الشد وسافر بكتمر إلى نيابة الاسكندرية، وكان بها إلى أن توفى. وفي رمضان قدم جماعة من حجاج الشرق وفيهم بنت الملك أبغا بن هولاكو، وأخت أرغون وعمة قازان وخربندا، فأكرمت وأنزلت بالقصر الأبلق، وأجريت عليها الاقامات والنفقات