ودخل أهل السواد إلى بغداد. وفيها ولى أبو أحمد عمرو بن الليث خراسان وفارس وأصبهان وسجستان وكرمان والسند، ووجهه إليها بذلك وبالخلع والتحف. وفيها حاصرت الزنج تستر حتى كادوا يأخذونها فوافاهم تكين البخاري فلم يضع ثياب سفره حتى ناجز الزنج فقتل منهم خلقا وهزمهم هزيمة فظيعة جدا، وهرب أميرهم على بن أبان المهلبي مخذولا: قال ابن جرير: وهذه وقعة باب كودك المشهورة، ثم إن على بن أبان المهلبي أخذ في مكاتبة تكين واستمالته إليه وإلى صاحب الزنج فسارع تكين في إجابته إلى ذلك فبلغ خبره مسرورا البلخي فسار نحوه وأظهر له الأمان حتى أخذه فقيده وتفرق جيشه عنه ففرقة صارت إلى الزنج وفرقة إلى محمد بن عبيد الله الكردي. وفرقة انضافت إلى مسرور بعد إعطائه إياهم الأمان، وولى مكانه على عمالته أميرا آخر يقال له اغرتمش. وفيها حج بالناس هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى العباسي.
[وفيها توفى من الأعيان]
أحمد بن منصور الرمادي راوية عبد الرزاق وقد صحب الامام أحمد وكان يعد من الابدال توفى عن ثلاث وستين سنة. وسعدان بن نصر. وعبد الله بن محمد المخزومي وعلى بن حرب الطائي الموصلي. وأبو حفص النيسابورىّ على بن موفق الزاهد. ومحمد بن سحنون قال ابن الأثير في كامله: وفيها قتل أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي صاحب أبى عبيدة والأصمعي قتلته الزنج بالبصرة.
[يعقوب بن الليث الصفار]
أحد الملوك العقلاء الأبطال. فتح بلادا كثيرة من ذلك بلد الرجح التي كان فيها ملك صاحب الزنج وكان يحمل في سرير من ذهب على رءوس اثنى عشر رجلا، وكان له بيت في رأس جبل عال سماه مكة، فما زال حتى قتل وأخذ بلده واستسلم أهلها فأسلموا على يديه، ولكن كان قد خرج عن طاعة الخليفة وقاتله أبو أحمد الموفق كما تقدم. ولما مات ولوا أخاه عمرو بن الليث ما كان يليه أخوه يعقوب مع شرطة بغداد وسامرا كما سيأتي.
[ثم دخلت سنة ست وستين ومائتين]
في صفر منها تغلب أساتكين على بلد الري وأخرج عاملها منها ثم مضى إلى قزوين فصالحه أهلها فدخلها وأخذ منها أموالا جزيلة، ثم عاد إلى الري فمانعه أهلها عن الدخول إليها فقهرهم ودخلها [وفيها غارت سرية من الروم على ناحية ديار ربيعة فقتلوا وسبوا ومثلوا وأخذوا نحوا من مائتين وخمسين أسيرا، فنفر إليهم أهل الصين وأهل الموصل فهربت منهم الروم ورجعوا إلى بلادهم](١) وفيها ولى عمرو بن الليث شرطة بغداد وسامرا لعبيد الله بن طاهر، وبعث إليه أبو أحمد بالخلعة