للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نطاق واحد شققته نصفين فجعلت في سفرة رسول الله أحدهما وأوكيت قربته بالآخر لما خرج هو وأبو بكر يريد ان الهجرة إلى المدينة. فكان ابن الزبير بعد ذلك إذا عيروه بالنطاقين يقول:

إنها والله تلك شكاة ظاهر عنك عارها، والله أعلم.

[وممن قتل مع ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين بمكة من الأعيان.]

[عبد الله بن صفوان]

ابن أمية بن خلف الجمحيّ أبو صفوان المكيّ، وكان أكبر ولد أبيه، أدرك حياة النبي وروى عن عمرو جماعة من الصحابة، وحدث عنه خلق من التابعين، وكان سيدا شريفا مطاعا حليما يحتمل الأذى، لو سبه عبد أسود ما استنكف عنه. ولم يقصده أحد في شيء فرده خائبا، ولا سمع بمفازة إلا حفر بها جبا أو عمل فيها بركة، ولا عقبة إلا سهلها. وقيل إن المهلب بن أبى صفرة قدم على ابن الزبير من العراق فأطال الخلوة معه، فجاء ابن صفوان فقال: من هذا الّذي شغلك منذ اليوم؟ قال: هذا سيد العرب من أهل العراق، فقال: ينبغي أن يكون المهلب. فقال المهلب لابن الزبير: ومن هذا الّذي يسأل عنى يا أمير المؤمنين؟ قال هذا سيد قريش بمكة، فقال:

ينبغي أن يكون عبد الله بن صفوان، وكان ابن صفوان كريما جدا.

وقال الزبير بن بكار بسنده: قدم معاوية حاجا فتلقاه الناس فكان ابن صفوان في جملة من تلقاه، فجعل يساير معاوية وجعل أهل الشام يقولون: من هذا الّذي يساير أمير المؤمنين؟ فلما انتهى إلى مكة إذا الجبل أبيض من الغنم، فقال: يا أمير المؤمنين هذه غنم أجزرتكها، فإذا هي ألفا شاة، فقال أهل الشام: ما رأينا أكرم من ابن عم أمير المؤمنين. كان ابن صفوان من جملة من صبر مع ابن الزبير حين حصره الحجاج، فقال له ابن الزبير: إني قد أقلتك بيعتي فاذهب حيث شئت، فقال إني إنما قاتلت عن ديني. ثم صبر نفسه حتى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة في هذه السنة، وأكرمه.

[عبد الله بن مطيع]

ابن الأسود بن حارثة القرشي العدوي المدني، ولد في حياة رسول الله وحنكه ودعا له بالبركة،

وروى عن أبيه عن رسول الله أنه قال: «لا يقتل قرشي بعد اليوم صبرا إلى يوم القيامة». وعنه ابناه إبراهيم ومحمد والشعبي وعيسى بن طلحة بن عبيد الله ومحمد بن أبى موسى. قال الزبير بن بكار: كان ابن مطيع من كبار رجال قريش جلدا وشجاعة، وأخبرنى عمى مصعب أنه كان على قريش أميرا يوم الحرة ثم قتل مع ابن الزبير بمكة وهو الّذي يقول:

أنا الّذي فررت يوم الحرة … والشيخ لا يفر إلا مره

لا جبرت فرة بكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>