للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم حتى يخرجهم، فبينما هو على تلك الحال إذ جاءت شرفة من شرفات المسجد، فوقعت على رأسه فصرعته، وهو يتمثل بهذه الأبيات: -

أسماء أسماء لا تبكينى … لم يبق إلا حسبي وديني

وصارم لانت به يميني

وقد روى أن أمه قالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فقال الحجاج: ابنك المنافق، فقالت: والله ما كان منافقا، إنه كان صواما قواما وصولا للرحم، فقال: انصرفي يا عجوز، فإنك قد خرفت، فقالت والله ما خرفت منذ سمعت رسول الله يقول: «يخرج من ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت».

وقال مجاهد: كنت مع ابن عمر فمر على ابن الزبير فوقف فترحم عليه ثم التفت إلى وقال: أخبرنى أبو بكر الصديق أن رسول الله قال: «من يعمل سوءا يجز به». وروى سفيان عن ابن جريج عن أبى مليكة قال: ذكرت ابن الزبير عند ابن عباس قال: كان عفيفا في الإسلام، قارئا للقرآن، صواما قواما، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وجدته صفية، وخالته عائشة: والله لأحاسبن له بنفسي محاسبة لم أحاسبها لأبى بكر ولا لعمر. وقال الطبراني: حدثنا زكريا الناجي ثنا حوثرة بن محمد ثنا أبو أسامة ثنا سعيد ابن المرزبان أبو سعيد العبسيّ ثنا محمد بن عبد الله الثقفي قال: شهدت خطبة ابن الزبير بالموسم خرج علينا قبل التروية بيوم وهو محرم قلبي بأحسن تلبية سمعتها قط، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال:

أما بعد فإنكم جئتم من آفاق شتى وفودا إلى الله ﷿، فحق على الله أن يكرم وفده، فمن كان منكم يطلب ما عند الله فان طالب ما عند الله لا يخيب فصدقوا قولكم بفعل، فان ملاك القول الفعل والنية النية، والقلوب القلوب، الله الله في أيامكم هذه فإنها أيام تغفر فيها الذنوب، جئتم من آفاق شتى في غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجونها هاهنا، ثم لبى ولبى الناس، فما رأيت باكيا أكثر من يومئذ. وروى الحسن بن سفيان قال: ثنا حيان بن موسى ثنا عبد الله بن المبارك ثنا مالك بن أنس عن وهب بن كيسان قال: كتب إلى عبد الله بن الزبير بموعظة: أما بعد فان لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم، صدق الحديث، وأداء الأمانة، وكظم الغيظ، وصبر على البلاء ورضى بالقضاء، وشكر للنعماء، وذل لحكم القرآن، وإنما الأيام كالسوق ما نفق فيها حمل إليها، إن نفق الحق عنده حمل إليه وجاءه أهله، وإن نفق الباطل عنده حمل إليه وجاءه أهله.

وقال أبو معاوية: ثنا هشام بن عروة عن وهب بن كيسان قال: ما رأيت ابن الزبير يعطى سلمه قط لرغبة ولا لرهبة سلطان ولا غيره. وبهذه الاسنادات أهل الشام كانوا يعيرون ابن الزبير ويقولون له: يا ابن ذات النطاقين. فقالت له أسماء: يا بنى إنهم يعيرونك بالنطاقين وإنما كان لي

<<  <  ج: ص:  >  >>