للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مروان رقد عندها، فلما أخذه النوم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه وتحاملت عليها هي وجواريها حتى مات غما، وكان ذلك في ثالث شهر رمضان سنة خمس وستين بدمشق، وله من العمر ثلاث وستون سنة، وقيل إحدى وثمانون سنة، وكانت إمارته تسعة أشهر، وقيل عشرة أشهر إلا ثلاثة أيام

وهذه ترجمة مروان بن الحكم أحد خلفاء بنى أمية (١)

هو مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أبو عبد الملك ويقال أبو الحكم، ويقال أبو القاسم، وهو صحابى عند طائفة كثيرة لأنه ولد في حياة النبي ، وروى عنه في حديث صلح الحديبيّة، وفي رواية في صحيح البخاري عن مروان والمسور بن مخرمة عن جماعة من الصحابة الحديث بطوله، وروى مروان عن عمر وعثمان وكان كاتبه - أي كان كاتب عثمان - وعلى وزيد بن ثابت وبسيرة بنت صفوان الأزدية وكانت حماته، وقال الحاكم أبو أحمد: كانت خالته، ولا منافاة بين كونها حماته وخالته. وروى عنه ابنه عبد الملك وسهل بن سعد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلى بن الحسين زين العابدين ومجاهد وغيرهم. قال الواقدي ومحمد بن سعد: أدرك النبي ولم يحفظ عنه شيئا، وكان عمره ثمان سنين حين توفى النبي ، وذكره بن سعد في الطبقة الأولى من التابعين، وقد كان مروان من سادات قريش وفضلائها، روى ابن عساكر وغيره أن عمر بن الخطاب خطب امرأة إلى أمها فقالت: قد خطبها جرير بن عبد الله البجلي وهو سيد شباب المشرق، ومروان بن الحكم وهو سيد شباب قريش، وعبد الله بن عمر وهو من قد علمتم، فقالت المرأة: أجادّ يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قالت: قد زوجناك يا أمير المؤمنين.

وقد كان عثمان بن عفان يكرمه ويعظمه، وكان كاتب الحكم بين يديه، ومن تحت رأسه جرت قضية الدار، وبسببه حصر عثمان بن عفان فيها. وألح عليه أولئك أن يسلم مروان إليهم فامتنع عثمان أشد الامتناع، وقد قاتل مروان يوم الدار قتالا شديدا، وقتل بعض الخوارج، وكان على الميسرة يوم الجمل، ويقال إنه رمى طلحة بسهم في ركبته فقتله فالله أعلم.

وقال أبو الحكم: سمعت الشافعيّ يقول: كان على يوم الجمل حين انهزم الناس يكثر السؤال عن مروان فقيل له في ذلك فقال: إنه يعطفني عليه رحم ماسة، وهو سيد من شباب قريش. وقال ابن المبارك عن جرير بن حازم عن عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر أنه قال لمعاوية: من تركت لهذا الأمر من بعدك؟ فقال: أما القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله، مروان بن الحكم. وقد استنابه على المدينة غير مرة، يعزله ثم يعيده إليها، وأقام للناس


(١) كذا بنسخة طوب قبو بالاستانة، وفي المصرية: جد خلفاء بنى أمية الذين كانوا بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>