للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم صبيا من بنى أيوب ابن عشر سنين وهو الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الناصر يوسف ابن المسعود أقسيس بن الكامل، وجعلوا المعز أتابكه فكانت السكة والخطبة بينهما، وكاتبوا أمراء الشام بذلك، فما تم لهم الأمر بالشام، بل خرج عن أيديهم ولم تستقر لهم المملكة إلا على الديار المصرية، وكل ذلك عن أمر الخاتون شجرة الدر أم خليل حظية الصالح أيوب، فتزوجت بالمعز، وكانت الخطبة والسكة لها، يدعى لها على المنابر أيام الجمع بمصر وأعمالها، وكذا تضرب السكة باسمها أم خليل، والعلامة على المناشير والتواقيع بخطها واسمها، مدة ثلاثة أشهر قبل المعز، ثم آل أمرها إلى ما سنذكره من الهوان والقتل.

[ذكر ملك الناصر بن العزيز بن الظاهر صاحب حلب لدمشق رحمهما الله تعالى]

لما وقع بالديار المصرية من قتل الأمراء للمعظم توران شاه بن الصالح أيوب ركب الحلبيون معهم ابن أستاذهم الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازى بن الناصر يوسف فاتح بيت المقدس، ومن كان عندهم من ملوك بنى أيوب منهم الصالح إسماعيل بن العادل، وكان أحق الموجودين بالملك، من حيث السن والتعدد والحرمة والرئاسة، ومنهم الناصر داود بن المعظم بن العادل، والأشرف موسى بن المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه، الّذي كان صاحب حمص وغيرهم، فجاءوا إلى دمشق فحاصروها فملكوها سريعا، ونهبت دار ابن يغمور وحبس في القلعة وتسلموا ما حولها كبعلبك وبصرى والصلت وصرخد، وامتنعت عليهم الكرك والشوبك بالملك المغيث عمر بن العادل بن الكامل، كان قد تغلب عليهما في هذه الفتنة حين قتل المعظم توران شاه، فطلبه المصريون ليملكوه عليهم فخاف مما حل بابني عمه، فلم يذهب إليهم. ولما استقرت يد الحلبيين على دمشق وما حولها جلس الناصر في القلعة وطيب قلوب الناس، ثم ركبوا إلى غزة ليتسلموا الديار المصرية، فبرز إليهم الجيش المصري فاقتتلوا معهم أشد القتال، فكسر المصريون أولا بحيث إنه خطب للناصر في ذلك بها، ثم كانت الدائرة على الشاميين فانهزموا وأسروا من أعيانهم خلقا كثيرا، وعدم من الجيش الصالح إسماعيل رحمه الله تعالى، وقد أنشد هنا الشيخ أبو شامة لبعضهم:

ضيع إسماعيل أموالنا … وخرب المغنى بلا معنى

وراح من جلق هذا جزاء … من أفقر الناس وما استغنى

[ذكر شيء من ترجمة الصالح إسماعيل «أبي الحسن واقف تربة الصالح»]

وقد كان الصالح ملكا عاقلا حازما تتقلب به الأحوال أطوارا كثيرة، وقد كان الأشرف أوصى له بدمشق من بعده، فملكها شهورا ثم انتزعها منه أخوه الكامل، ثم ملكها من يد الصالح أيوب خديعة ومكرا، فاستمر فيها أزيد من أربع سنين، ثم استعادها منه الصالح أيوب

<<  <  ج: ص:  >  >>