أيها الناس أنا الّذي قصدني الشيخ بكلامه، ولولا أنى كرهت أن يتهم بإثم لسترت ما ستره. فتعجب الشيخ من إخلاصه ثم أخذ أبو عمرو ذلك المجتمع من المال فما خرج من باب المسجد حتى تصدق بجميعه على الفقراء والمحاويج. كانت وفاته في جمادى الآخرة من هذه السنة.
[إسحاق بن الحسن]
ابن ميمون بن سعد أبو يعقوب الحربي، سمع عفان وأبا نعيم وغيرهما. وكان أسن من إبراهيم الحربي بثلاث سنين، ولما توفى إسحاق نودي له بالبلد فقصد الناس داره للصلاة عليه، واعتقد بعض العامة أنه إبراهيم الحربي فجعلوا يقصدون داره فيقول إبراهيم: ليس إلى هذا الموضع قصدكم، وعن قريب تأتونه، فما عمر بعده إلا دون السنة.
إسحاق بن محمد بن يعقوب الزهري عمّر تسعين سنة وكان ثقة صالحا. إسحاق بن موسى بن عمران الفقيه أبو يعقوب الأسفراييني الشافعيّ. عبد الله بن على بن الحسن بن إسماعيل أبو العباس الهاشمي، كانت إليه الحسبة ببغداد وإمامة جامع الرصافة. عبد العزيز بن معاوية العتابى من ولد عتاب ابن أسيد بصرى، قدم بغداد وحدث عن أزهر السمان وأبى عاصم النبيل. يزيد بن الهيثم بن طهمان أبو خالد الدقاق ويعرف بالباد. قال ابن الجوزي: والصواب أن يقال: البادي لأنه ولد توأما وكان هو الأول في الميلاد. روى عن يحيى بن معين وغيره وكان ثقة صالحا.
[ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين]
فيها وثب صالح بن مدرك الطائي على الحجاج بالأجفر فأخذ أموالهم ونساءهم، يقال: إنه أخذ منهم ما قيمته ألف ألف دينار. وفي ربيع الأول منها يوم الأحد لعشر بقين منه ارتفعت بنواحي الكوفة ظلمة شديدة جدا ثم سقطت أمطار برعود وبروق لم ير مثلها، وسقط في بعض القرى مع المطر حجارة بيض، وسود، وسقط برد كبار وزن البردة مائة وخمسون درهما، واقتلعت الرياح شيئا كثيرا من النخيل والأشجار مما حول دجلة، وزادت دجلة زيادة كثيرة حتى خيف على بغداد من الغرق. وفيها غزا راغب الخادم مولى الموفق بلاد الروم ففتح حصونا كثيرة وأسر ذراري كثيرة جدا، وقتل من أسارى الرجال الذين معه ثلاثة آلاف أسير، ثم عاد سالما مؤيدا منصورا [وحج بالناس فيها محمد بن عبد الله بن داود الهاشمي](١) وفيها توفى أحمد بن عيسى بن الشيخ صاحب آمد فقام بأمرها من بعده ولده محمد، فقصده المعتضد ومعه ابنه أبو محمد المكتفي بالله فحاصره بها فخرج إليه سامعا مطيعا فتسلمها منه وخلع عليه وأكرم أهلها، واستخلف عليها ولده المكتفي، ثم سار إلى قنسرين والعواصم فتسلمها عن كتاب هارون