للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرأيت القصص التي رفعتها إليك، فلم تلتفت إليها قد رفعتها إلى الله ﷿، وأنا أنتظر التوقيع عليها، فلما مسك قال قد والله خرج توقيع المرأة، فكان من أمره ما كان.

[ثم دخلت سنة ثمان وأربعمائة]

فيها وقعت فتنة عظيمة بين أهل السنة والروافض ببغداد، قتل فيها خلق كثير من الفريقين.

وفيها ملك أبو المظفر بن خاقان بلاد ما وراء النهر وغيرها، وتلقب بشرف الدولة، وذلك بعد وفاة أخيه طغان خان، وقد كان طغان خان هذا دينا فاضلا، يحب أهل العلم والدين، وقد غزا الترك مرة فقتل منهم مائتي ألف مقاتل، وأسر منهم مائة ألف، وغنم من أواني الذهب والفضة، وأواني الصين شيئا لا يعهد لأحد مثله، فلما مات ظهرت ملوك الترك على البلاد الشرقية. وفي جمادى الأولى منها ولى أبو الحسين أحمد بن مهذب الدولة على بن نصر بلاد البطائح بعد أبيه، فقاتله ابن عمه فغلبه وقتله، ثم لم تطل مدته فيها حتى قتل، ثم آلت تلك البلاد بعد ذلك إلى سلطان الدولة صاحب بغداد، وطمع فيهم العامة، فنزلوا إلى واسط فقاتلوهم مع الترك. وفيها ولى نور الدولة أبو الأغر دبيس ابن أبى الحسن على بن مزيد بعد وفاة أبيه. وفيها قدم سلطان الدولة إلى بغداد، وضرب الطبل في أوقات الصلوات، ولم تجر بذلك عادة، وعقد عقده على بنت قرواش على صداق خمسين ألف دينار. ولم يحج أحد من أهل العراق لفساد البلاد، وعيث الأعراب وضعف الدولة. قال ابن الجوزي في المنتظم: أخبرنا سعد الله بن على البزار أنبأ أبو بكر الطريثيثى أنبأ هبة الله بن الحسن الطبري. قال: وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر بالله الخليفة فقهاء المعتزلة، فأظهروا الرجوع وتبرءوا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام، وأخذت خطوطهم بذلك، وأنهم متى خالفوا أحل فيهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم، وامتثل محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين في ذلك واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها، في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على المنابر، وأبعد جميع طوائف أهل البدع، ونفاهم عن ديارهم، وصار ذلك سنة في الإسلام.

[وفيها توفى من الأعيان]

الحاجب الكبير.

[شباشى أبو نصر]

مولى شرف الدولة، ولقبه بهاء الدولة بالسعيد، وكان كثير الصدقة والأوقاف على وجوه القربات فمن ذلك أنه وقف دباها على المارستان وكانت تغل شيئا كثيرا من الزروع والثمار والخراج وبنى قنطرة الخندق والمارستان والناصرية وغير ذلك، ولما مات دفن بمقبرة الإمام أحمد وأوصى أن لا يبنى عليه فخالفوه، فعقدوا قبة عليه فسقطت بعد موته بنحو من سبعين سنة واجتمع نسوة عند قبره ينحن يبكين، فلما رجعن رأت عجوز منهن - كانت هي المقدمة فيهن - في المنام كأن تركيا خرج إليهن من

<<  <  ج: ص:  >  >>