للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أثناء الطريق، وقدم بعد ذلك نواب البلاد والشام وغيرها للسلام عليه وتهنئته بالسلامة والنصر.

وحمل إليه من الهدايا والتحف ما لا يحد ولا يوصف.

[بناء الرصافة]

قال ابن جرير: وفي هذه السنة شرع المنصور في بناء الرصافة لابنه المهدي بعد مقدمه من خراسان، وهي في الجانب الشرقي من بغداد، وجعل لها سورا وخندقا، وعمل عندها ميدانا وبستانا، وأجرى إليها الماء من نهر المهدي. قال ابن جرير:

وفيها جدد المنصور البيعة لنفسه ثم لولده المهدي من بعده، ولعيسى بن موسى من بعدهما، وجاء الأمراء والخواص فبايعوا وجعلوا يقبّلون يد المنصور ويد ابنه ويلمسون يد عيسى بن موسى ولا يقبلونها. قال الواقدي: وولى المنصور معن بن زائدة سجستان.

وحج بالناس فيها محمد بن إبراهيم بن محمد بن على، وهو نائب مكة والطائف، وعلى المدينة الحسن بن زيد، وعلى الكوفة محمد بن سليمان، وعلى البصرة جابر بن زيد الكلابي، وعلى مصر يزيد بن حاتم. ونائب خراسان حميد بن قحطبة، ونائب سجستان معن بن زائدة. وغزا الصائفة فيها عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد.

وفيها توفى حنظلة ابن أبى سفيان، وعبد الله بن عون، ومحمد بن إسحاق بن يسار، صاحب السيرة النبويّة التي جمعها وجعلها علما يهتدى به، وفخرا يستجلى به، والناس كلهم عيال عليه في ذلك، كما قال الشافعيّ وغيره من الأئمة.

[ثم دخلت سنة ثنتين وخمسين ومائة]

فيها عزل المنصور عن إمرة مصر يزيد بن حاتم وولاها محمد بن سعيد، وبعث إلى نائب إفريقية وكان قد بلغه أنه عصى وخالف، فلما جيء به أمر بضرب عنقه. وعزل عن البصرة جابر ابن زيد الكلابي وولاها يزيد بن منصور. وفيها قتلت الخوارج معن بن زائدة بسجستان. وفيها توفى عباد بن منصور، ويونس بن يزيد الأيلي.

[ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائة]

وفيها غضب المنصور على كاتبه أبى أيوب المورياني وسجنه وسجن أخاه خالدا وبنى أخيه الأربعة سعيدا ومسعودا ومخلدا ومحمدا، وطالبهم بالأموال الكثيرة. وكان سبب ذلك ما ذكره ابن عساكر في ترجمة أبى جعفر المنصور، وهو أنه كان في زمن شبيبته قد ورد الموصل وهو فقير لا شيء له ولا معه شيء، فأجر نفسه من بعض الملاحين حتى اكتسب شيئا تزوج به امرأة، ثم جعل يعدها ويمنيها أنه من بيت سيصير الملك إليهم سريعا، فاتفق حبلها منه، ثم تطلبه بنو أمية فهرب عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>