فرأى الناس عسافا حين قدم ومعه رجل من العرب فسبوه وشتموه، فقال ذلك الرجل البدوي:
هو خير منكم - يعنى النصراني - فرجمهما الناس بالحجارة، وأصابت عسافا ووقعت خبطة قوية فأرسل النائب فطلب الشيخين ابن تيمية والفارقيّ فضربهما بين يديه، ورسم عليهما في العذراوية وقدم النصراني فأسلم وعقد مجلس بسببه، وأثبت بينه وبين الشهود عداوة، فحقن دمه، ثم استدعى بالشيخين فأرضاهما وأطلقهما، ولحق النصراني بعد ذلك ببلاد الحجاز، فاتفق قتله قريبا من مدينة رسول الله ﷺ، قتله ابن أخيه هنالك، وصنف الشيخ تقى الدين ابن تيمية في هذه الواقعة كتابه الصارم المسلول على ساب الرسول.
وفي شعبان منها ركب الملك الناصر في أبهة الملك وشق القاهرة، وكان يوما مشهودا، وكان هذا أول ركوبه، ودقت البشائر بالشام وجاء المرسوم من جهته، فقرئ على المنبر بالجامع فيه الأمر بنشر العدل وطى الظلم، وإبطال ضمان الأوقاف والأملاك إلا برضى أصحابها. وفي اليوم الثاني والعشرين من شعبان درس بالمسرورية القاضي جمال الدين القزويني، أخو إمام الدين، وحضر أخوه وقاضى القضاة شهاب الدين الخوبى، والشيخ تقى الدين بن تيمية، وكان درسا حافلا. قال البرزالي: وفي شعبان اشتهر أن في الغيطة بجسرين تنينا عظيما ابتلع رأسا من المعز كبيرا صحيحا.
وفي أواخر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين، وكان مختفيا منذ قتل الأشرف فاعتذر له عند السلطان فقبله وخلع عليه وأكرمه، ولم يكن قتله باختياره.
وفي شوال منها اشتهر أن مهنا بن عيسى خرج عن طاعة السلطان الناصر، وانحاز إلى التتر.
وفي يوم الأربعاء ثامن ذي القعدة درس بالغزالية الخطيب شرف الدين المقدسي عوضا عن قاضى القضاة شهاب الدين ابن الخوبى، توفى وترك الشامية البرانية، وقدم على قضاء الشام القاضي بدر الدين أحمد بن جماعة يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجة، ونزل العادلية وخرج نائب السلطنة والجيش بكماله لتلقيه، وامتدحه الشعراء، واستناب تاج الدين الجعبريّ نائب الخطابة وباشر تدريس الشامية البرانية، عوضا عن شرف الدين المقدسي، الشيخ زين الدين الفاروثيّ، وانتزعت من يده الناصرية فدرس بها ابن جماعة، وفي العادلية في العشرين من ذي الحجة، وفي هذا الشهر أخرجوا الكلاب من دمشق الى الفلاة بأمر واليها جمال الدين اقياى، وشدد على الناس والبوابين بذلك.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
الملك الأشرف خليل بن قلاوون المنصور. وبيدرا والشجاعي، وشمس الدين بن السلعوس،
[الشيخ الامام العلامة]
تاج الدين موسى بن محمد بن مسعود المراغي، المعروف بأبي الجواب الشافعيّ، درس بالإقبالية