أميرا على المقدمة، ومعه عبد الله بن زميت أميرا آخر، فانتهوا إلى دجيل فإذا مقدمة ابن الأشعث في ثلاثمائة فارس عليها عبد الله بن أبان الحارثي، فالتقوا في يوم الأضحى عند نهر دجيل، فهزمت مقدمة الحجاج وقتل أصحاب ابن الأشعث منهم خلقا كثيرا نحو ألف وخمسمائة، واحتازوا ما في معسكرهم من خيول وقماش وأموال. وجاء الخبر إلى الحجاج بهزيمة أصحابه وأخذه ما دب ودرج.
وقد كان قائما يخطب فقال: أيها الناس ارجعوا إلى البصرة فإنه أرفق بالجند، فرجع بالناس وتبعهم خيول ابن الأشعث لا يدركون منهم شاذا إلا قتلوه، ولا فإذا إلا أهلكوه، ومضى الحجاج هاربا لا يلوى على شيء حتى أتى الزاوية فعسكر عندها وجعل يقول: لله در المهلب أي صاحب حرب هذا، قد أشار علينا بالرأي ولكنا لم نقبل، وأنفق الحجاج على جيشه وهو بهذا المكان مائة وخمسين ألف ألف درهم، وخندق حول جيشه خندقا، وجاء أهل العراق فدخلوا البصرة واجتمعوا بأهاليهم وشموا أولادهم، ودخل ابن الأشعث البصرة فخطب الناس بهم وبايعهم وبايعوه على خلع عبد الملك ونائبة الحجاج بن يوسف، وقال لهم ابن الأشعث: ليس الحجاج بشيء، ولكن اذهبوا بنا إلى عبد الملك لنقاتله، ووافقه على خلعهما جميع من في البصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشباب، ثم أمر ابن الأشعث بخندق حول البصرة فعمل ذلك، وكان ذلك في أواخر ذي الحجة من هذه السنة.
وحج بالناس فيها إسحاق بن عيسى فيما ذكره الواقدي وأبو معشر والله ﷾ أعلم. وفيها غزا موسى بن نصير أمير بلاد المغرب من جهة عبد الملك بلاد الأندلس فافتتح مدنا كثيرة، وأراضى عامرة، وأوغل في بلاد المغرب إلى أن وصل إلى الرقاق المنبثق من البحر الأخضر المحيط والله أعلم.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[بجير بن ورقاء الصريمى]
أحد الأشراف بخراسان، والقواد والأمراء الّذي حارب ابن خازم وقتله، وقتل بكير بن وشاح ثم قتل في هذه السنة.
[سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر]
أبو أمية الجعفي الكوفي، شهد اليرموك وحدث عن جماعة من الصحابة، وكان من كبار المخضرمين ويقال إنه رأى النبي ﷺ، وكان مولده عام ولد النبي ﷺ وصلى معه، والصحيح أنه لم يره، وقيل إنه ولد بعده بسنتين، وعاش مائة وعشرين سنة لم ير يوما محتنيا ولا متساندا، وافتض بكرا عام وفاته في سنة إحدى وثمانين، قاله أبو عبيد وغير واحد. وقيل إنه توفى في سنة ثنتين وثمانين فالله أعلم.
[عبد الله بن شداد بن الهاد]
كان من العباد الزهاد، والعلماء، وله وصايا وكلمات حسان، وقد روى عدة أحاديث عن الصحابة وعن خلق من التابعين