للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَفُوٌّ عَنِ الزَّلَّاتِ يَقْبَلُ عُذْرَهُمْ ... وَإِنْ يُحْسِنُوا فاللَّه بِالْخَيْرِ أَجْوَدُ

وَإِنْ نَابَ أَمْرٌ لَمْ يَقُومُوا بِحَمْلِهِ ... فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدَّدُ

فبينا هم في نعمة الله وسطهم ... دَلِيلٌ بِهِ نَهْجُ الطَّرِيقَةِ يُقْصَدُ

عَزِيزٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجُورُوا عَنِ الْهُدَى ... حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَسْتَقِيمُوا وَيَهْتَدُوا

عَطُوفٌ عَلَيْهِمْ لَا يُثَنِّي جَنَاحَهُ ... الى كنف يحنو عليهم ويمهد

فبينا هم فِي ذَلِكَ النُّورِ إِذْ غَدَا ... إِلَى نُورِهِمْ سَهْمٌ مِنَ الْمَوْتِ مُقْصِدُ

فَأَصْبَحَ مَحْمُودًا إِلَى الله راجعا ... يبكيه جفن الْمُرْسَلَاتِ وَيَحْمَدُ

وَأَمْسَتْ بِلَادُ الْحُرْمِ وَحْشًا بِقَاعُهَا ... لِغَيْبَةِ مَا كَانَتْ مِنَ الْوَحْيِ تَعْهَدُ

قِفَارًا سِوَى مَعْمُورَةِ اللَّحْدِ ضَافَهَا ... فَقِيدٌ يُبَكِّيهِ بَلَاطٌ وغرقد

ومسجده فالموحشات لفقده ... خلاء له فيها [١] مَقَامٌ وَمَقْعَدُ

وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى لَهُ ثَمَّ أَوْحَشَتْ ... دِيَارٌ وَعَرْصَاتٌ وَرَبْعٌ وَمَوْلِدُ

فَبَكِّي رَسُولَ اللَّهِ يَا عَيْنُ عَبْرَةً ... وَلَا أَعْرِفَنْكِ الدَّهْرَ دَمْعُكِ يَجْمُدُ

وَمَالَكِ لَا تَبْكِينِ ذَا النِّعْمَةِ الَّتِي ... عَلَى النَّاسِ مِنْهَا سَابِغٌ يَتَغَمَّدُ

فَجُودِي عَلَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَأَعْوِلِي ... لِفَقْدِ الَّذِي لَا مِثْلُهُ الدَّهْرَ يُوجَدُ

وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ ... وَلَا مِثْلُهُ حَتَّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ

أَعَفَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً بَعْدَ ذِمَّةٍ ... وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلًا لَا يُنَكَّدُ

وَأَبْذَلَ مِنْهُ لِلطَّرِيفِ وَتَالِدٍ ... إِذَا ضَنَّ مِعْطَاءٌ بما كان يتلد

وأكرم حيا فِي الْبُيُوتِ إِذَا انْتَمَى ... وَأَكْرَمَ جَدًّا أَبْطَحِيًّا يُسَوَّدُ

وَأَمْنَعَ ذِرْوَاتٍ وَأَثْبَتَ فِي الْعُلَا ... دَعَائِمَ عِزٍّ شَاهِقَاتٍ تُشَيَّدُ

وَأَثْبَتَ فَرْعًا فِي الْفُرُوعِ وَمَنْبِتًا [٢] ... وَعُودًا غَذَاهُ الْمُزْنُ فَالْعُودُ أَغْيَدُ

رَبَاهُ وَلِيدًا فَاسْتَتَمَّ تَمَامُهُ ... عَلَى أَكْرَمِ الْخَيْرَاتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ

تَنَاهَتْ وَصَاةُ الْمُسْلِمِينَ بِكَفِّهِ ... فَلَا الْعِلْمُ مَحْبُوسٌ وَلَا الرَّأْيُ يُفْنَدُ

أَقُولُ وَلَا يُلْفَى لِمَا قُلْتُ [٣] عَائِبٌ ... مِنَ النَّاسِ إِلَّا عَازِبُ القول مبعد

وليس هوائي نَازِعًا عَنْ ثَنَائِهِ ... لَعَلِّي بِهِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ أَخْلُدُ

مَعَ الْمُصْطَفَى أَرْجُو بِذَاكَ جِوَارَهُ ... وَفِي نَيْلِ ذَاكَ الْيَوْمِ أَسْعَى وَأَجْهَدُ

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ الرَّوْضِ: وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ


[١] في ابن هشام: فيه.
[٢] في ابن هشام: ومثبتا.
[٣] في ابن هشام: يلقى لقولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>