للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرْبِيَّ الرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ، يُقَالُ لَهَا الْعَادِلِيَّةُ، وَهِيَ تُرْبَةٌ مَلِيحَةٌ ذَاتُ شَبَابِيكَ وَبَوَّابَةٍ وَمِئْذَنَةٍ، وَلَهُ عَلَيْهَا أَوْقَافٌ دَارَّةٌ عَلَى وَظَائِفَ مِنْ قِرَاءَةٍ وَأَذَانٍ وَإِمَامَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ الْمَنْصُورِيَّةِ، وَقَدْ مَلَكَ الْبِلَادَ بَعْدَ مَقْتَلِ الْأَشْرَفِ خَلِيلِ بْنِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ انْتَزَعَ الْمُلْكَ منه لَاجِينُ وَجَلَسَ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إلى صرخد وكان بها إلى أن قُتِلَ لَاجِينُ وَأَخَذَ الْمُلْكَ النَّاصِرُ بْنُ قَلَاوُونَ، فَاسْتَنَابَهُ بِحَمَاةَ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ وَأَعْدَلِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ بِرًّا، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَالنُّوَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِمِائَةٍ

اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَفِي صَفَرٍ تولى الشيخ كمال الدين بن الشريشى نظارة الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ وَخُلِعَ عَلَيْهِ وَبَاشَرَهُ مُبَاشَرَةً مَشْكُورَةً، وَسَاوَى بَيْنَ النَّاسِ وَعَزَلَ نَفْسَهُ فِي رَجَبٍ مِنْهَا. وَفِي شَهْرِ صَفَرٍ تَوَلَّى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ خَطَابَةَ كَفْرِ بَطْنَا وَأَقَامَ بِهَا. وَلَمَّا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْفَارِقِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ يَكْشِفُ بَعْضَ الْأُمُورِ، فَلَمَّا قَدِمَ تَكَلَّمُوا مَعَهُ فِي وَظَائِفِ الْفَارِقِيِّ فَعَيَّنَ الْخَطَابَةَ لِشَرَفِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَعَيَّنَ الشَّامِيَّةَ الْبَرَّانِيَّةَ وَدَارَ الْحَدِيثِ لِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الشَّرِيشِيِّ، وَذَلِكَ بِإِشَارَةِ الشيخ تقى الدين بن تَيْمِيَّةَ، وَأَخَذَ مِنْهُ النَّاصِرِيَّةَ لِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ وَرَسَمَ بِكِتَابَةِ التَّوَاقِيعِ بِذَلِكَ، وَبَاشَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْإِمَامَةَ وَالْخَطَابَةَ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ لِحُسْنِ قِرَاءَتِهِ وَطِيبِ صَوْتِهِ وَجَوْدَةِ سِيرَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ بُكْرَةُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَصَلَ الْبَرِيدُ مِنْ مِصْرَ صُحْبَةَ الشَّيْخِ صَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْوَكِيلِ، وَقَدْ سَبَقَهُ مَرْسُومُ السُّلْطَانِ لَهُ بِجَمِيعِ جِهَاتِ الْفَارِقِيِّ مُضَافًا إلى ما بيده من التدريس، فَاجْتَمَعَ بِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِالْقَصْرِ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى الْجَامِعِ فَفُتِحَ لَهُ بَابُ دَارِ الْخَطَابَةِ فَنَزَلَهَا وَجَاءَهُ النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُرَّاءُ وَالْمُؤَذِّنُونَ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ الْعَصْرَ وَبَاشَرَ الْإِمَامَةَ يَوْمَيْنِ فَأَظْهَرَ النَّاسُ التَّأَلُّمَ مِنْ صَلَاتِهِ وَخَطَابَتِهِ، وَسَعَوْا فِيهِ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ فَمَنَعَهُ مِنَ الْخَطَابَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَى التَّدَارِيسِ وَدَارِ الْحَدِيثِ، وَجَاءَ تَوْقِيعٌ سُلْطَانِيٌّ لِلشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ بِالْخَطَابَةِ، فَخَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِطَرْحَةٍ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ، وَأَخَذَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ تَدْرِيسَ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ مِنْ يَدِ ابْنِ الْوَكِيلِ، وَبَاشَرَهَا فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى وَاسْتَقَرَّتْ دَارُ الْحَدِيثِ بِيَدِ ابْنِ الوكيل مع مدرستيه الأولتين، وَأَظُنُّهُمَا الْعَذْرَاوِيَّةَ وَالشَّامِيَّةَ الْجَوَّانِيَّةَ.

وَوَصَلَ الْبَرِيدُ فِي ثَانِيَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى بِإِعَادَةِ السِّنْجِرِيِّ إِلَى نِيَابَةِ الْقَلْعَةِ وَتَوْلِيَةِ نَائِبِهَا الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ الجوكندرانى نِيَابَةَ حِمْصَ عِوَضًا عَنْ عِزِّ الدِّينِ الْحَمَوِيِّ، تُوُفِّيَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ قَدِمَتْ ثَلَاثَةُ آلَافِ فَارِسٍ مِنْ مِصْرَ وَأُضِيفَ إليها ألفان من دمشق وساروا وأخذوا

<<  <  ج: ص:  >  >>