والخليفة في الشباك، والوزير يقول يا أمير المؤمنين ارحم شيبتي وغربتي وأولادي، فأعيد إلى الوزارة بشفاعة دبيس بن مزيد، في السنة الآتية، وامتدحه الشعراء، وفرح الناس برجوعه إلى الوزارة وكان يوما مشهودا.
[وفيها توفى من الأعيان]
[عبد الملك بن محمد بن يوسف بن منصور]
الملقب بالشيخ الأجل، كان أوحد زمانه بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والمبادرة إلى فعل الخيرات، واصطناع الأيادي عند أهلها، من أهل السنة، مع شدة القيام على أهل البدع ولعنهم، وافتقاد المستورين بالبر والصدقة، وإخفاء ذلك جهده وطاقته، ومن غريب ما وقع له أنه كان يصل إنسانا في كل يوم بعشرة دنانير، كان يكتب بها معه إلى ابن رضوان، فلما توفى الشيخ جاء الرجل إلى ابن رضوان فقال: ادفع إلى ما كان يصرف لي الشيخ، فقال له ابن رضوان: إنه قد مات ولا أصرف لك شيئا، فجاء الرجل إلى قبر الشيخ الأجل فقرأ شيئا من القرآن ودعا له وترحم عليه، ثم التفت فإذا هو بكاغد فيه عشرة دنانير، فأخذها وجاء بها إلى ابن رضوان فذكر له ما جرى له، فقال: هذه سقطت منى اليوم عند قبره فخذها ولك عندي في كل يوم مثلها. توفى في نصف المحرم منها عن خمس وستين سنة، وكان يوم موته يوما مشهودا، حضره خلق لا يعلم عددهم إلا الله ﷿، فرحمه الله تعالى.
[أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي]
فقيه الشيعة، ودفن في مشهد على، وكان مجاورا به حين أحرقت داره بالكرخ، وكتبه، سنة ثمان وأربعين إلى محرم هذه السنة فتوفى ودفن هناك.
[ثم دخلت سنة إحدى وستين وأربعمائة]
في ليلة النصف من شعبان منها كان حريق جامع دمشق، وكان سببه أن غلمان الفاطميين والعباسيين اختصموا فألقيت نار بدار الملك، وهي الخضراء المتاخمة للجامع من جهة القبلة، فاحترقت، وسرى الحريق إلى الجامع فسقطت سقوفه وتناثرت فصوصه المذهبة، وتغيرت معالمه، وتقلعت الفسيفساء التي كانت في أرضه، وعلى جدرانه، وتبدلت بضدها، وقد كانت سقوفه مذهبة كلها، والجملونات من فوقها، وجدرانه مذهبة ملونة مصور فيها جميع بلاد الدنيا، بحيث إن الإنسان إذا أراد أن يتفرج في إقليم أو بلد وجده في الجامع مصورا كهيئته، فلا يسافر إليه ولا يعنّى في طلبه، فقد وجده من قرب الكعبة ومكة فوق المحراب والبلاد كلها شرقا وغربا، كل إقليم في مكان لائق به، ومصور فيه كل شجرة مثمرة وغير مثمرة، مصور مشكل في بلدانه وأوطانه، والستور مرخاة على أبوابه النافذة إلى الصحن، وعلى أصول الحيطان إلى مقدار الثلث منها ستور، وباقي الجدران