للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجارة مرضومة (١) وسقوفها كلها من جريد. وقد حكى عن الحسن البصري ما تقدم. قال وكانت حجره من شعر مربوطة بخشب من عرعر. قال وفي تاريخ البخاري أن بابه كان يقرع بالأظافير، فدل على أنه لم يكن لأبوابه حلق. قال وقد أضيفت الحجر كلها بعد موت أزواج رسول الله إلى المسجد. قال الواقدي وابن جرير وغيرهما: ولما رجع عبد الله بن أريقط الدئلي إلى مكة بعث معه رسول الله وأبو بكر زيد بن حارثة وأبا رافع موليا رسول الله ليأتوا بأهاليهم من مكة وبعثا معهم بحملين وخمسمائة درهم ليشتروا بها إبلا من قديد، فذهبوا فجاءوا ببنتي النبي فاطمة وأم كلثوم وزوجتيه سودة وعائشة، وأمها أم رومان وأهل النبي وآل أبى بكر صحبة عبد الله بن أبى بكر وقد شرد بعائشة وأمها أم رومان الجمل في أثناء الطريق فجعلت أم رومان تقول: وا عروساه، وا بنتاه قالت عائشة: فسمعت قائلا يقول أرسلى خطامه، فأرسلت خطامه فوقف بأذن الله وسلمنا الله ﷿. فتقدموا فنزلوا بالسنح، ثم دخل رسول الله بعائشة في شوال بعد ثمانية أشهر كما سيأتي، وقدمت معهم أسماء بنت أبى بكر امرأة الزبير بن العوام وهي حامل متم بعبد الله بن الزبير كما سيأتي بيانه في موضعه من آخر هذه السنة.

فصل فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة أجمعين وقد سلّم الرسول منها بحول الله وقوته ودعا ربه فأزاحها الله عن مدينته

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن وهب بن يوسف ثنا مالك بن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت فدخلت عليهما فقلت يا ابه كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرئ مصبح في أهله … والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول:

ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة … بواد وحولي اذخر وجليل (٢)

وهل أردن يوما مياه مجنة … وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالت عائشة: فجئت رسول الله فأخبرته فقال «اللهمّ حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة» ورواه مسلم عن أبى بكر


(١) مرضومة: أي مصفوفة بعضها فوق بعض، والرضام من الجبل دون الهضاب.
(٢) الجليل: الثمام إذا عظم وجل، وهو نبت ضعيف قصير لا يطول.

<<  <  ج: ص:  >  >>